الدرس الثامن

معالي الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان

إحصائية السلسلة

6603 11
الدرس الثامن

كتاب التوحيد (2)

{بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائد الغر المحجلين، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
مرحبًا بكم أيها الإخوة والأخوات في درسٍ من دروس التوحيد للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
ضيف هذا اللقاء هو فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء.
أهلًا ومرحبًا بالشيخ صالح في هذا الدرس.}
حيَّاكم الله وبارك فيكم.

{قال المؤلف رحمه الله تعالى: (بابٌ لا يَقولُ: عَبْدِي وأَمَتي)}
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب: بابٌ لا يَقولُ: عَبْدِي وأَمَتي، هذا من الأدب مع الله -سبحانه وتعالى، فإنَّ العبودية لله -عزَّ وجلَّ، والناس كلهم عبيد لله -سبحانه وتعالى.
فلا يقل: "عَبْدِي"؛ لأنَّ هذا فيه إساءة أدبٍ مع الله، ولا يقل: "أَمتي"، يعني للأنثى من المماليك؛ لأن النساء كلهن إماءٌ لله عزَّ وجلَّ.

{(في الصَّحيحِ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قال: «لا يَقُولَنَّ أحَدُكُمْ: أَطْعِمْ رَبَّكَ، وضِّئْ ربَّكَ، ولْيَقلْ: سَيِّدي ومَوْلاي، ولا يَقُلْ أحَدُكُم عَبدِي وأَمَتي وَلْيَقُلْ: فَتَايَ وفَتاتِي وغُلامِي»)}
نعم هذا من التأدب مع الله -سبحانه وتعالى، فلا يُقال للملوك: "أطعم ربك"، يعني: سيدك ومالكك، فإن الربوبية إذا أُطلقت فهي لله -سبحانه وتعالى، وإمَّا إذا خُصت فلا بأس بقولها، كأن يقول: رب الدار، رب الإبل، وما أشبه ذلك، أما الربوبية المطلقة فهي لله سبحانه وتعالى.
وكذلك لا يقل: "عبدي وأَمتي"، لا يقول المالك: "عبدي" لمملوكه، ولا يقل: "أَمتي" لمملوكته؛ لأن هذا لله -سبحانه وتعالى، وإنما يقول: "هذا مملوكي" أو "هذا فتاي" أو "فتاتي" يعني: مملوكتي.

{في هذا الباب يا شيخ مسائل كثيرةٌ.
(الأُولى: النَّهْيُ عَنْ قَوْلِ: عَبْدي وَأَمَتي)}
نعم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يَقُلْ أحَدُكُم عَبدِي وأَمَتي»؛ لأنَّ هذا اللفظ إنما يليق بالله -سبحانه وتعالى، فالناس كلهم عباد الله، والنساء كلهن إِمَاء الله عزَّ وجلَّ.
ولكن يقول اللفظ اللائق بالمخلوق.

{(الثَّانِيةُ: لا يَقولُ العَبدُ: رَبِّي وَلا يُقالُ لَهُ: أطْعِمْ رَبَّكَ)}
لا يقول السيد لمملوكه: "أطعم ربك"، "وضئ ربك"؛ لأنَّ الربوبية لله -سبحانه وتعالى، ولكن يقال: "أطعم سيدك"، أو "وضئ سيدك"، يعني: مالكك.

{(الثَّالِثَةُ: تعليمُ الأَوَّلِ قولَ: فَتايَ وفَتاتِي وغُلامِي)}.
الأول: وهو المالك، لا يقول: "عبدي وأَمتي"، وإنما يقول: "فتاي"، يعني: "مملوكي"، و "فتاتي" ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ﴾ [الكهف:60]، قال: لفتاه، ولم يقل: لمملوكه أو لعبده.

{(الرَّابِعةُ: تعليمُ الثَّانِي قولَ: سَيِّدي ومَوْلايَ)}.
تعليم الثاني، الذي هو المملوك، يقول: "سيدي"، لا يقل: "ربي"، وليقل: "سيدي"، يعني: "مالكي"، ومولاي، أي: متولي أمري.

{(الخامِسَةُ: التَّنْبيهُ للمرادِ وهُوَ تحقيقُ التَّوحيدُ حتّى في الألْفاظِ)}.
نعم، الحكمة من النهي عن ذلك: هو تحقيق التَّوحيد، حتى في الألفاظ، ولو كان لا يقصد معناها، لكن يتأدب حتى في اللفظ، فلا يأتي باللفظ الذي فيه إساءة أدبٍ في حق الله -سبحانه وتعالى-، وفيه ترفُّعٌ من المخلوق.

{انتهت هذه المسائل، ونسأل من الأسئلة العامة: كيف يحقق المسلم التَّوحيد في حياته؟}.
يحققه إذا كمَّله، تحقيق التَّوحيد غير التَّوحيد، قد يكون الإنسان مُوحدًا، ولكن لا يكون محققًا للتَّوحيد.
تحقيق التَّوحيد: هو تصفيته من الشرك، والبدع، والمعاصي كلها، هذا هو تحقيق التَّوحيد.

{المؤلف في هذا الباب، في باب قول: عبدي وأَمتي، لم يُبين هل النهي للكراهة أو للتحريم}.
يظهر لي حسب نية المتكلم، قد يكون للتحريم، إذا قصد التعاظم في نفسه، وقد يكون للكراهة إذا لم يقصد التعاظم في نفسه، فيكون هذا من الألفاظ المكروهة، كراهة تنزيهٍ.

{لو قال يا شيخ: هذا "عبد محمدٍ"، أو "غلام محمدٍ"؟}.
لا، ما يقال: عبد محمدٍ، يقال: غلام محمدٍ، أو مملوك محمدٍ، أو فتى محمدٍ.
{إن قالها: بصيغة الخبر: هذا عبدي؟}.
لا يجوز، لا بصيغة الخبر ولا بغيره، هو ما يقال إلا بصيغة الخبر، لا يقال هذا اللفظ إلا بصيغة الخبر.

{فضيلة الشيخ، في هذا الباب، ونحن نختم هذه المسائل، ما أبرز المسائل التي يستفيد منها المسلم في حياته؟ ما أبرز الدروس المستفادة منه والوقفات؟}.
يستفاد منه تحقيق التَّوحيد؛ لتجنب ما يُنقصه، ولو بالألفاظ، ولو لم يقصد معناها، تأدبًا مع الله -سبحانه وتعالى، وهذا من تحقيق التَّوحيد.

{شكر الله لكم فضيلة الشيخ، وبارك الله فيكم، على ما بينتم وأفضتم في هذا الدرس من دروس التَّوحيد، للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-، وكان معنا فضيلة الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء، يتجدد اللقاء -إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك