الدرس السادس

معالي الشيخ د. سعد بن ناصر الشثري

إحصائية السلسلة

10423 11
الدرس السادس

القواعد الفقهية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين، أما بعد، فهذا هو اللقاء السادس من لقاءاتنا في مقرر القواعد الفقهية، نتدارسه في برنامج البناء العلمي، في الأكاديمية الإسلامية.
سبق معنا أن القواعد الفقهية على درجاتٍ، منها: قواعد كليةٌ كبرى، تدخل في جميع الأبواب، وهذه القواعد الكبرى خمس قواعد:
القاعدة الأولى: الأمور بمقاصدها.
القاعدة الثانية: قاعدة اليقين لا يزول بالشك.
القاعدة الثالثة: المشقة تجلب التيسير.
القاعدة الرابعة: الضرر يزال.
وقد أخذنا هذه القواعد الأربعة، في لقاءاتٍ أربعةٍ سابقةٍ، سبقناها بلقاءٍ تعريفيٍّ بالقواعد الفقهية.
ولقاؤنا السادس في هذا اليوم، نتدارس فيه: القاعدة الكبرى الخامسة، وهي قاعدة: "العادة محكَّمةٌ".
ما معنى العادة محكَّمةٌ؟
العادة: مأخوذةٌ من العود، وهو التكرار والمجيء مرةً بعد أخرى، كما يقال: عاد فلانٌ، ويقال: العيد؛ لعوده وتكراره، وحينئذٍ نقول: العادة هي الأمر المتكرر، الذي يكون من شخصٍ واحدٍ. هذا معنى العادة.
أما قولهم: محكمةٌ، فهي مأخوذةٌ من الحكم، أي: أن العوائد والأعراف، تبنى عليها الأحكام الشرعية.
إذن ما هو المعنى الإجمالي لهذه القاعدة؟
"العادة محكمةٌ" أي: أن العوائد والأعراف، قد تُبنى عليها الأحكام الشرعية. وسيأتي -إن شاء الله.
ما هو الفرق بين العادة والعرف؟
العرف في اللغة: الأمر الظاهر، ولكنه يُراد به في الاصطلاح، الأمر الذي ينتشر بين الناس ويتلقونه بالقبول، ويعملونه. إذن العادة تتعلق بشخصٍ واحدٍ، بينما العرف يتعلق بمجموع الناس، ونضرب لذلك أمثلةً:
المثال الأول: بالنسبة لمقدار القليل والكثير في النجاسات، أو في الدماء، يُرجع فيه إلى العادة، إذا وقع دمٌ على ثوبٍ، فإنه يعفى عن اليسير، أما إذا كان كثيرًا، فإنه يجب غسله.
ما الفرق بين اليسير والكثير في مسألة الدم؟
نقول: هذا يرجع فيه إلى العادة، ما هي العادة؟ تختلف باختلاف الأشخاص، فالشخص المتنزه، قد يستكثر يسير الدم، ومن يعمل في القصابة، وتقطيع اللحوم، يستسهل دماءً، قد يراها غيره كثيرةً. إذن كل واحدٍ منهم له حكمٌ؛ لأن هذا الحكم أُنيط بالعادة، ولم يُنط بالعرف، فكان متعلقًا بشخصٍ واحدٍ.
مثالٌ آخر: في المرأة التي يستمر معها الدم، تجلس عادتها السابقة، هذه العادة بالنسبة لها، هي دون غيرها، فهذا نرجع فيه إلى عادة الأشخاص.
بينما الأعراف، يُرجع فيها إلى ما ينتشر بين الناس. مثال ذلك: لو قلتُ لك: أبيعك هذه السيارة بخمسين ألفًا، فحينئذٍ ما معنى خمسين ألفًا؟ هل تكون بالدولارات؟ أو تكون بالجنيهات الاسترالية؟ أو تكون باليورو؟ ما الجواب؟ ونرجع فيه إلى العرف. فهنا في هذه البلاد، نتعارف على أنه إذا قال بخمسين ألفًا، فإننا نعيده إلى الريال السعودي، وفي الكويت، نعيده إلى الدينار الكويتي، وفي قطر، الريال القطري، وفي البحرين، الدينار البحريني، وفي الإمارات الدرهم الإماراتي، وهكذا في سائر البلدان، نرجع فيه إلى أعراف الناس في تفسير هذا اللفظ.
لو كان في مصر، فباعه سلعة بعشرة آلافٍ جنيه، نحمله على الجنيه الاسترليني، أو الجنيه المصري؟
نحمله على الجنيه المصري؛ لأن هذا هو عرفهم. لو كان في تونس، فقال: بعتك بعشرة آلاف دينار، فهل نحمله على الدينار الكويتي؟ أو الدينار الأردني، أو الدينار البحريني؟ ما الجواب؟
نحمله على الدينار التونسي؛ لأن الناس هناك تعارفوا على أنه إذا أطلق الدينار، فالمراد به الدينار التونسي، فهنا هذا الحكم بني على العرف، ولم يبن على العادة. فالعرف: الأمر المنتشر بين الناس.
هل العمل بالعرف والعادة أمرٌ مشروعٌ؟ أو لا؟
نقول: نعم، جاءت الشريعة بالعمل بالعرف، وإسناد الحكم إليه في مواطن عديدةٍ. ما مثال ذلك؟
قال تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾[البقرة: 233] فأسند الحكم إلى المعروف، أي: ما تعارفه الناس.
وقال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾[النساء: 19] أي: بما تعارف الناس على حسنه، وعلى معاشرة الأزواج لزوجاتهم به.
وقال تعالى: ﴿عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ﴾[البقرة: 236]، فهنا قوله: ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾ أي: بما تعارف الناس على حسنه.
وهكذا قال -جلَّ وعلَا- في ولي اليتيم: ﴿وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾[النساء: 6]، ولي اليتيم إذا كان غنيًّا، فليستعفف، لا يأكل من مال اليتيم شيئًا، أما إذا كان فقيرًا، فإنه يأكل من مال اليتيم، بما يقع التعارف بين الناس عليه، بالأقل من الأمرين، أجرة المثل، أو قدر الكفاية، ويدل على ذلك، ما ورد في حديث هند، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لها: «خذي ما يكفيكِ وولدك بالمعروف»، فأسند الحكم إلى ما يتعارفه الناس.
وقد قيل: إن قول الله -جلَّ وعلَا: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾[الأعراف: 199]، أن المراد به: ما يتعارفه الناس فيما بينهم.
والأخذ بالعرف له شروطٌ، ليس كل عرفٍ صالحًا، لأن يستند إليه في بناء الأحكام، بل له شروطٌ معينةٌ.
الشرط الأول: أن يكون العرف مضطردًا، غير مضطربٍ، إذا استمرت أحوال الناس على حالٍ واحدةٍ، فيما يتعلق بالعرف، فحينئذٍ نقول: العرف اضطرد، فجاز بناء الحكم عليه.
أما إذا كان العرف مضطربًا، فلا يصح بناء الحكم عليه. لو قال: بعتك السلعة بخمسين ألف جنيه، على أي شيء نحمله؟ إن كان في مصر، فالعرف المضطرد هناك، الجنيه المصري، لو كان في السعودية، لا يوجد عرفٌ، وبالتالي العرف هنا مضطربٌ، ومن ثم لا يصح بناء الحكم عليه، ونقول: هذا اللفظ لا قيمة له، والعقد لم يثبت؛ لجهالة الثمن.

الشرط الثاني: ألا يكون العرف مخالفًا للشرع، فما تعارف الناس عليه مما هو مخالفٌ للشرع، لا قيمة له، ولا وزن له. ومن أمثلة ذلك: لو قدر أن إنسانًا عنده قصر أفراحٍ يؤجره، وذلك البلد يستعملون في قصور الأفراح بعض المحرمات، يضعون الشيشة، يضعون القات، أو غير ذلك من المحرمات، فَأَجَّرَ القصر، أي: قصر الأفراح، بمنافعه، ومرافقه، وبحوائجه، ويدخل في ذلك، ما يحتاجون إليه من مشروبٍ مباحٍ، ومطعمٍ اعتادوا عليه، فحينئذٍ نقول: يجب عليه الوفاء بمقتضى العقد، سواءً العقد المنصوص، أو ما تعارف الناس على دخوله فيه، أنواع المآكل، أنواع المشارب، التمر يدخل أو لا يدخل؟ نقول: نرجع فيه إلى العرف.
لو أنَّ من العرف دخول بعض المحرمات، فحينئذٍ نقول: هذا المحرم لا يدخل في العقد، ولا يستحق للمستأجر أن يلزم المؤجر به؛ لأنه أمرٌ محرمٌ، والأعراف المحرمة المخالفة للشرع، لا قيمة لها، ولا تُبنى عليها الأحكام.
مثال ذلك: لو تعارف الناس على أن من بنى بيتًا فإنه يضع فيه حانةً للخمور، فحينئذٍ نقول: هذا العرف عرفٌ باطلٌ، وبالتالي لا يصح إلزام المقاول بصنعه في البيت؛ لمخالفته للشرع، وهكذا كل أمرٍ مخالفٍ للشرع، بنى الناس عرفهم عليه، فإنه لا يكون عُرفًا مُعتبرًا، وبالتالي لا يصح تقييد الأحكام به، ولا يُبنى عليه حكمٌ.

الشرط الثالث: ألا يوجد تصريحٌ بخلاف العرف، فإنه إذا وجد تصريحٌ بخلاف العرف، فإن المعوَّل عليه هو التصريح.
مثال ذلك: لو أدخلك إنسانٌ في بيته، فحينئذٍ وجدت طعامًا موضوعًا أمام الجالسين، فهنا إذنٌ عرفيٌّ بجواز تناول هذا الطعام، فيجوز لك أن تأكل منه، لكن لو أنه لما أجلسك، قال لك: لا تأكل من هذا التمر، أو من هذا الطعام، فحينئذٍ وجد عرف بإباحة هذا الطعام، بوضعه أمام الجالسين، ووجد في نفس الوقت تصريحٌ بعدم الإذن بهذا الطعام، فأيهما نقدم؟ نقدم التصريح.
مثال ذلك: لو كان عند شخصٍ ضيافةٌ، أو عزيمةٌ، وفتح الباب، ففي عرف الناس، أن هذا إذن بالدخول، لكنه لو وضع لوحةً عند الباب، ممنوع الدخول، لا يدخل أحدٌ، فحينئذٍ نقول: هذه الكتابة تصريحٌ، وفتح الباب إذن عرفيٌّ، فيقدم التصريح على الإذن العرفي؛ لأن من شروط إعمال العرف: ألا يكون مخالفًا للتصريح.

الشرط الرابع من شروط إعمال العرف: أن يكون العُرف سابقًا، أو مقارنًا، أمَّا الأعراف اللاحقة، فإنها لا تعتبر.
مثال ذلك: لو اشترى منه سيارةً، وفي العرف السابق، أنه يسلم مفاتيح السيارة له، لابد لها من مفتاح مثلًا، ومفتاح العجل الذي يفتح الإطارات، ثم بعد ذلك، تغير عرف الناس، فأصبح في عرف الناس، أن من باع سيارةً، فلا يلزمه أن يسلم مفتاح العجل، أو الرافعة التي ترفع السيارة، فإذا وجد عندنا عقد بيع سيارةٍ، واختلف المشتري مع البائع، هل يدخل في العقد مفتاح العجل والرافعة؟ أو لا يدخلون؟ فما الحكم؟
قلنا: انظر إلى تاريخ العقد، فإن كان في الوقت الذي تعارف الناس فيه على أن مفتاح العجل والرافعة يدخلون، فحينئذٍ ندخله، ويلزم البائع أن يسلم مفتاح العجل والرافعة، وإن كان العقد لم يُعقد إلا بعد تغير العرف، فحينئذٍ نعمل بالعرف الجديد. إذن من شرط القاعدة: أن يكون العرف مقارنًا، أو سابقًا، لم يتغير.
مثال ذلك: ذهبتُ بك إلى البيت، لأبيعك البيت، فحينئذٍ اشتريتَ مني البيت، لما اشتريتَ مني البيت، أنا سآخذ بعض ما يوجد في البيت، باعتبار أنه ملكي أنا يا أيها البائع، فماذا يأخذ؟
هل يأخذ الفرش؟ هل يأخذ الكراسي؟ هل يأخذ الأبواب؟ هل يأخذ المكيفات وآلات التبريد؟ هل يأخذ دواليب المطبخ؟ هل يأخذ الأواني؟ هل يأخذ الأجهزة؟
نقول: المعول عليه في هذا إلى العرف، فما تعارف الناس أنه يدخل في هذا العقد، فحينئذٍ ندخله، وما تعارف الناس على أنه لا يدخل في العقد، فإنه لا يدخل، ومن ثم أي عرفٍ معتبرٍ، لو تغير العرف ما بين زمانٍ وآخر، فنقول: المعول عليه العرف المقارن، أو السابق الذي لم يتغير، لو باعه البيت قبل ثلاثين سنةً، أو قبل خمسين سنةً، ثم بعد ذلك، جاءنا اليوم يقول: فلان لما باعني البيت، لم يسلم لي المكيفات، وفي عرفنا أن من باع بيتًا دخلت المكيفات فيه، قلنا: هذا العرف عرف اليوم، والعرف المعتبر، العرف المقارن، أو السابق، والعرف المقارن في ذلك الوقت، أن المكيفات لا تدخل في عقد بيع البيت.
إذن من شروط إعمال العرف أن يكون سابقًا أو مقارنًا للعقد، إذن هذه شروط إعمال العرف، أن يكون مضطردًا، وأن يكون غير مخالفٍ للشرع، وأن يكون سابقًا أو مقارنًا، وأن لا يوجد تصريحًا بخلافه.

هذه القاعدة يترتب عليها كثيرٌ من المسائل الفقهية، وما من بابٍ فقهيٍّ إلا ولهذه القاعدة فروعٌ فيه، ابتداءً من الطهارة إلى الإقرار، ففي الإقرار لو أقر له بمروحةٍ، ما المراد بالمروحة؟ نرجع إلى العرف، هل المراد المهفة، تسمى عند بعضهم مروحةً، أو المراد بها المروحة الكهربائية؟ نرجع فيها إلى العرف.
في باب الحدود مثلًا، متى يعد الإنسان سارقا لمال من حرز؟ لا يقطع السارق إلا إذا أخذ المال من حرز يحفظ المال في مثله، وهذا يختلف ما بين وقتٍ وآخر، فالناس تختلف أعرافهم، وما بين بلدٍ وآخر.
إذن ما هي المجالات التي نعمل فيها بالعرف؟
هناك مجالاتٌ متعددةٌ:
المجال الأول: فيما لا يوجد له ضابطٌ في اللغة ولا في الشرع من الأحكام الشرعية، فإننا نرجع فيه إلى العرف، مثال ذلك: جاءت الشريعة في وجوب النفقة على الأولاد، ولم تبين لنا الشريعة مقدار النفقة، الأولاد والزوجات، ولا يوجد في لغة العرب تفسيرٌ للنفقة بمقدارٍ محددٍ، وحينئذٍ يرجع فيه إلى العرف، والناس يختلفون في أعرافهم ما بين مدينةٍ وأخرى، وما بين أحوال الناس، ما بين غنيٍّ وفقيرٍ ونحو ذلك، هكذا مثلًا جاءت الشريعة بأن السارق لا يقطع إلا إذا سرق من الحرز، والحرز لم يأتِ له ضابطٌ من الشرع ولا في اللغة، فنرجع فيه إلى أعراف الناس، ويختلف هذا من سلعةٍ إلى أخرى، فحرز السيارة مغايرٌ لحرز النقود، مغايرٌ لحرز الثياب، فكلٌّ له حرزٌ يتناسب مع ذلك المال، والحرز هذا يختلف ما بين بلدٍ وآخر، وفي بعض البلدان المحلات التجارية تترك مفتوحةً في أوقات الصلاة، ويكون هذا حرزًا، لأن المال يحفظ عند أهل البلد بمثل هذه الطريقة، وآخرون يضعون قماشًا على ما في المحل خصوصًا في الأوقات القليلة كوقت الصلاة، مثل ما نجد في بعض البسطات في مكة وغيرها، لوجود الأمن فيها، لكن في بلدان أخرى لنقص الأمن أو نحو ذلك، تجدهم يوصدون الأبواب ويضعون عليها الأقفال، وقد يضعون السلاسل، فبالتالي لا يكون الحرز إلا إذا وضع المال في مثل ذلك، هكذا النقود حرزها مغايرٌ لباقية الأوراق وباقية الأموال، ما المرجع فيه إلى العرف، وهذا يختلف ما بين زمانٍ وآخر وما بين بلدٍ وآخر.
ومن مجالات إعمال العُرف، تفسير الألفاظ، لما قال مروحةٌ رجعنا فيها إلى العرف، ما المراد بالمروحة؟ رجعنا فيها إلى العرف.
ومن أمثلة ذلك: لو قال في الوصية أو في سك الوقفية يتلفظ بلفظٍ لا يوجد له تفسيرٌ، فإننا نفسره بأعراف الناس، لو قال مثلًا: أوقفت سيارتي، كانت لفظ السيارة عند العرب يطلق على القافلة، كما قال: ﴿وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ﴾[يوسف: 19]، ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ﴾[المائدة: 96] لكنه اليوم يطلق على المركوب، الذي هو نوعٌ من أنواع الآلات المعروفة، فهذه السيارة لفظ السيارة لما جاءت حملناها على المعنى العرفي، إذن العُرف له مدخلٌ في تفسير الألفاظ التي يتكلم بها الناس.
مثال ذلك: قال: والله لن آكل لحمًا، ما الذي يدخل في لفظ اللحم؟ هل يدخل لحم السمك، هل يدخل لحم الإبل؟ هل يدخل لحم البط؟ هل يدخل لحم الغنم؟ نرجع فيه إلى العرف.
ولذلك نقول: العرف يقيد اللفظ المطلق، ويخصص اللفظ العام، وكذلك قد يعمم اللفظ الخاص.

مثال ذلك: لما قال والله لا آكل لحمًا، وكان لفظ اللحم في عرف الناس يطلق على لحم الغنم فقط، فحينئذٍ لو أكل دجاجًا أو سمكًا لم يحنث، اتباعًا أو إعمالًا لعرف الناس في تفسير هذا اللفظ. إذن هذا لفظٌ عامٌ خصصه العرف.
وفي المقابل لو قال: والله لن آكل حبة رزٍّ عند فلانٍ، في عُرف الناس أن هذه اللفظة معناها أنه لا يريد أن يكون له أي مِنةً عليه، فبالتالي نقول: جميع أنواع الفضل والخير والتنعم لا يصح له أن يقبله منه، لو أهدى له هديةً ساعةً أو جهاز كمبيوتر فنقول حينئذٍ: لا يحق لك أن تأخذه إلا إذا كَفَّرْتَ عن يمينك، أي: إذا أخذته وجب عليك أن تُكَفِّرَ عَن يمينك، لماذا؟ قال أنا لم أتكلم إلا بحبة الرز، قلنا: لكنه في عُرف الناس أن التكلم بمثل هذا اللفظ يشمل جميع وجوه الإحسان بلا استثناء.

ومن الأمور التي تتعلق بهذا ألفاظ الناس في الخصومات، وألفاظ الناس في الإقرارات، لو قال له: علي ستة آلاف، ستة آلاف ماذا؟ ريال سعودي حسب العرف.
كذلك أيضًا في الوصايا في الأوقاف في لوائح الدعوة، في العقود يتم تفسيرها بواسطة العرف.
هكذا أيضًا تعاملات الناس التي لا يوجد لها ضابطٌ نقيدها بالعرف، لذلك لما باع السيارة قلنا: لا بد أن يكون معها مقود، ولا بد أن يكون معها كرسي ولا بد أن يكون معها مفتاح عجلٍ، ولا بد أن يكون معها رافعةٌ، ولا بد أن يكون معها بقية أجزاء السيارة، لأنه في عرف الناس تدخل هذه الأمور في بيع السيارة.
مثالٌ آخر: لو أنَّ شخصًا باع على آخر نخله، قال: بعتك النخل، حينئذٍ هل تدخل الأرض؟
هل تدخل الأسوار التي على هذه الأرض؟
هل تدخل السيارات التي تقوم بخدمة هذه الزراعة وهذا النخيل؟
هل تدخل المباني؟ هل يدخل العمال الذين يقومون في ذلك المحل المعد للزراعة؟
هل يدخل الزروع التي تكون تحت هذا النخيل؟
نرجع في ذلك إلى أعراف الناس، ما الذي يدخلونه في مثل هذا اللفظ.
إذا تقرر هذا فإن هذه القاعدة قاعدةٌ مهمةٌ، وفروعها كثيرةٌ، وهي تفصل في الخصومات بين الناس، وقد تتغير الأحكام بسبب تغير الأعراف التي تبنى الأحكام عليها.

الأحكام الشرعية على نوعين: أحكامٌ مبنيةٌ على عُرفٍ، فبالتالي إذا تغير العرف تغير الحكم، وهناك أحكامٌ مقررةٌ في الشرع ليست مبنيةً على العرف، فإذا وجد عرف يخالف ذلك الحكم قلنا: هذا عرفٌ باطلٌ، لمخالفته للشرع، وبالتالي لا يصح أن يعول عليه أو أن يبنى عليه حكمٌ.
هذه القاعدة أيضًا تبرز أهميتها من القواعد الكثيرة التي ترتب عليها، إذن العادة محكمةٌ، عليها أو يتفرع منها قواعد كثيرةٌ.

من هذه القواعد: قولهم: إعمال العرف مشروعٌ، فهنا أي عرفٍ يتعارف عليه الناس إذا انطبقت الشروط السابقة عليه فإنه لا بد من إعماله، ولا بد من إسناد الحكم عليه.
كذلك من القواعد قولهم: المعروف بين التجار كالمشروط بينهم، لو كان عند الباعة أن لفظة الطعام يراد بها نوعٌ خاصٌّ من البر، فإذا قال: بعتك ثلاثين صاعًا من طعام، ثم جاء له بشعيرٍ، نقول: لا يقبل، قال: هذا طعامٌ، نقول: ولو المعروف بين التجار كالمشروط بينهم، ومن ثم نحمل هذا اللفظ على أن المراد به البر، وليس المراد به الشعير.
هكذا أيضًا من القواعد قولهم: الحقيقة تترك بدلالة العادة، أو العرف.
هناك الألفاظ يتم تفسيرها في اللغة بمعانٍ، فإذا تعارف الناس على استعمال لفظٍ معينٍ في مدلولٍ خاصٍّ فإننا نترك المعنى الحقيقي ولا نفسر اللفظ به، وإنما نفسره بمدلول العرف.
مثال ذلك: في لغة العرب لفظة اللحم تطلق على كل هبرٍ في الحيوانات، لكننا في العادة وفي العرف قصرنا لفظة اللحم على هبر بعض الحيوانات، فبالتالي نترك الحقيقة من أجل دلالة العادة، وهكذا لو قال والله لن آكل لحم الإبل، فهل يدخل في ذلك أجزاء البعير الأخرى، مثل الكرش الكبد القلب العصب، فماذا نقول؟
نقول: نرجع إلى عرف الناس، في الحقيقة هذه الأشياء لا تسمى لحمًا، ولا تدخل في مدلول لفظة اللحم، لكن لو تعارف الناس على تسمية الكبد لحمًا، فحينئذٍ نقول إذا أكل الكبد فإنه يعد حانثًا، مع أنه في اللغة في الحقيقة اللغوية لا تسمى الكبد لحمًا، لكن تركنا الدلالة الحقيقية والمعنى الحقيقي من أجل العرف، فالعرف هنا نترك من أجله الدلالة الحقيقية.
ومن أمثلة هذا لفظة: الدابة، فإنها في لغة العرب تطلق ويراد بها كل ما يدب على الأرض، هذا يسمى دابةً، قال تعالى: ﴿وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَ﴾[هود: 6]، وكلكم دوابٌّ على معنى هذه الآية وهو المعنى اللغوي الحقيقي.
لكن الناس تعارفوا على قصر لفظ الدابة على بعض مسمياته، فقصر بعضهم لفظ الدابة على ذوات الأربع، وبعضهم يقول: الدابة يراد بها الخيل، وبعضهم قيده أو جعله للبعض أنواع الحيوان دون جميعها.
فهنا تركنا دلالة الحقيقة من أجل العرف.
ومن أمثلة هذا ما لو قال: والله لا أضربن فلانًا، الضرب أدنى ضربٍ يُسمى ضربًا، لكن في عرف الناس أنه لا يكون كذلك إلا إذا كان موجعًا، فنقول كفِّر عن يمينك ولا توجعه.
من القواعد التي تدخل تحت هذه القاعدة قولهم: المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا، وبعضهم يقول: كالمشروط شرعًا، والمراد بقولهم: المعروف عرفًا أي: ما انتشر بين الناس وتكرر بينهم، وأصبح معروفًا لديهم، ومعنى القاعدة: أن كل أمرٍ تعارف الناس على دخوله في العقود فإنه يجب الوفاء به ولو لم يكن منصوصًا.
مثال ذلك: خيطت الثوب عند الخياط، فلما جئت آخذ الثوب لم يضع فيه أزرةً، قلت لم تضع فيه أزرةً، قال: أنت اشترطت علي تخييط الثوب، أنا خيطتُ الثوب لم تشترط علي وضع الأزرة، فماذا نقول؟
نقول: المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا، فتعارف الناس على أنَّ الثياب فيها هذا الأمر، وأن الخياط هو الذي يقوم بوضعها في الثياب.
ومثل هذه القاعدة قاعدةٌ أخرى تقول: المعروف بين التجار كالمشروط بينهم، لو تعارف التجار على شيءٍ فحينئذٍ إذا أجروا تعاقدًا فإن ذلك العُرف معتبرٌ فيما بينهم.
ومن أمثلة هذا: لو عقد معه عقد مقاولةٍ أن يبني البيت، فما الذي يدخل في هذا البيت؟ وما الذي يجب على المقاول أن يفعله في البيت؟ الأبواب هل هي على المقاول أو لا؟ الأفياش الكهربائية هل تكون على المقاول أو لا؟ البلاط الجبس الذي يوضع في البيت، كل هذه إذا لم يوجد نصٌّ عليها في العقد، فإننا نرجع فيها إلى ما تعارفه أهل البلد، وما كان معروفًا عند المقاولين.
وهكذا كل صنعةٍ مثلًا المهندسون لهم أعرافٌ، ما الذي يجب عليه إذا قلتَ له خطِّط بيتي، هل يجب عليه أن يوفر خريطةً ورقيةً أو لا؟ وما هي أنواع الخرائط التي يجب ترتيبها، هل يرتب خرائط للخدمات، لمجاري المياه، لأفياش الكهرباء، والتمديدات الكهربائية، أو لا، وهكذا هل يجب عليه نسخةٌ الكترونيةٌ أو لا، المرجع في ذلك إلى ما تعارفه أهل هذه المهمة، عندما عقد معه على أن يضع التخطيط للمنزل.
وهكذا في بقية المهن، إذا اتفق معه، هناك ورشةٌ اتفق على إصلاح السيارة، هل قطع الغيار على من؟ إذا كان ثم تصريحٌ، عمل بالتصريح، إذا لم يكن هناك تصريحٌ فإننا نرجع إلى العرف متى كان العرف قد توفرت الشروط السابقة.
وهكذا في عقد النكاح مثلًا، ما الذي يدخل فيه وما الذي لا يدخل فيه؟ حسب العرف، ما الذي يحضر الزوج؟ وما الذي يكون على الزوجة؟ ووليمة الزواج على الزوج أو لا؟
الأصل أن الوليمة تكون على الزوج، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن: «أولم ولو بشاةٍ»، لكن لو تعارف الناس على أن الوليمة على المرأة، أو كان هناك مثلًا في عقد النكاح أعرافٌ أن المرأة تبقى في بيت أهلها لمدة سنةٍ، أو تبقى في بلدها لا يسافر الزوج بها، فحينئذٍ يعمل بمثل ذلك العرف؛ لأن العرف معتبرٌ، والعادة محكمةٌ.

من القواعد التي تدخل في هذا الباب قولهم: الكتاب كالخطاب، الخطاب المراد به الحديث، واللفظ التي يتكلم به، والكتاب المراد به ما يكتب بالقلم وغيره، الأصل في العقود والتعاملات وما يترتب عليه التزام أن يكون باللفظ، عقد النكاح لفظٌ، عقود البيع والشراء إيجابٌ وقبولٌ لفظٌ، عقد الإيجارة كذلك، ألفاظ الطلاق لفظٌ، ألفاظ الظهار لفظٌ، الأصل في الألفاظ أنها معتبرةٌ ويترتب عليها أحكامها، ولو جاء شاهدٌ فشهد بأن شخصًا تكلم بكلمة عقدٍ أو غيره ثبتت الأحكام المرتبة على ذلك اللفظ بمجرد اللفظ، عقد البيع قال: بعتك بيتي، بعتك الأرض، قال الآخر قبلتُ، وتفرقا تم العقد، ولو لم يوجد كتابةٌ، ولو لم يوجد تسليمٌ للثمن.
إذن الأصل هو أن يكون بالخطاب، لكن لو قدر أن هناك كتابةً ولا يوجد هناك خطابٌ، أرسل له بالإيميل بِعْتُكَ، وأرسل له الآخر قَبِلتُ، هذه كتابةٌ، كتب له وأرسله بالفاكس، كتب له رسالة جوالٍ، فحينئذٍ كتب الزوج لزوجته رسالة فيها تلفظ بالطلاق بالواتس أب، فنقول: القاعدة أن الكتاب كالخطاب، فكما أن الالتزامات والعقود التي تكون بالخطاب مُعتبرةٌ وتترتب عليها آثارها، فكذلك ما كان مكتوبًا.
ما الدليل على أن الكتابة معتبرةٌ؟
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتبر الكتاب، راسل ملوك زمانه، وكتب الكتب فيها الفرائض، مثل: كتاب الزكاة الذي كتبه، وكذلك كان يكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى عماله وولاته، وتكون هذه الكتابة كتابةً ملزمةً أوجب عليهم القيام بها.
وبالتالي نقول: "الكتاب كالخطاب"، كما أن الأحكام تثبت بالخطاب وباللفظ، كذلك تثبت بواسطة الكتابة.
ولذلك لو كتب طلاق زوجته وأرسله؛ فحينئذٍ نقول: هذه الكتابة مُعتبرةٌ.
ويُشترط أن يُتَحَقق من أنَّ هذه الكتابة صدرت ممن تنسب إليه.
لو جاءت رسالة جوالٍ للزوجة من رقم مجهولٍ، أنت طالقٌ، يقع الطلاق؟ نقول: لا، لماذا؟
لأنه لم يتم التأكد من أنها صدرت من الزوج، إلا إذا اعترف الزوج بعد ذلك.
كذلك يشترط في الكتابة أن تكون باقيةً، أما الكتابة التي لا تبقى فهذه لا يعول عليها، ولا يرتب عليها حكمٌ.
مثاله: كتب على الماء كتابةً، بعتك: نقول هذه لا قيمة لها، هكذا لو كتب على الرمل، هذه كتابة غير باقية، وبالتالي لا نعتبرها ولا نرتب عليها الحكم.
من القواعد المترتبة على قاعدة العادة محكمةٌ، أن الإشارة المفهومة من الأخرس بمثابة الكلام، أو يقولون: "إشارة الأخرس المفهوم كالبيان باللسان".
الأخرس لا يستطيع أن يتحدث، وبالتالي لا وسيلة له إلى إيصال ما فيه قلبه من المعاني إلا بواسطة الإشارات، ومن ثم نقول الإشارة معتبرةٌ في هذه الحال، ولذلك إذا جاء يعقد عقد الزواج يقولون يؤشر الإشارة التي يفهم منها القبول أو التوكيل، قد يوكل شخصًا آخر في قبول عقد الزواج.
ويشترط أن تكون الإشارة مفهومةً، وأن تكون الإشارة ممن لا يتمكن من الحديث، أما القادر فإننا نكتفي بحديثه.
ولابد أن تكون الإشارة موجهةً إلى شخصٍ بعينه، الإشارة العامة هذه لا اعتبار عليها عند كثيرٍ من أهل العلم.
ومن المقرر أن العقود تثبت بالمعاطاة، فكذلك تثبت بالإشارة.
من المسائل التي تتبع ذلك طلاق الأخرس بالإشارة، نقول: هو طلاقٌ معتبرٌ تترتب عليها الأحكام.

من القواعد التي يرتبونها على هذه القاعدة، أنه: "لا عبرة بالعرف الطارئ"، العرف الذي لم ينشأ إلا بعد التعامل فإنه لا يدخل في ذلك التعامل، وبالتالي لا تترتب عليه آثاره، ولا يبنى على ذلك العرف حكمٌ شرعيٌّ.
لماذا جعلنا الكتاب بمثابة الخطاب وجعلنا إشارة الأخرس بمثابة بيان اللسان، لأن الناس تعارفوا على جعلها كذلك.
إذن عرفنا أن هذه القاعدة المتعلقة بإعمال العرف، يمكن أن تترتب عليها مسائل فقهيةٌ عديدةٌ، وتدخل في جميع أبواب الفقه بلا استثناءٍ، وأن هذه القاعدة يرتب عليها قواعد فقهيةٌ عديدةٌ مما يدلك على أهمية هذه القاعدة، قاعدة العادة محكمةٌ.

من القواعد التي لها علاقة بهذا قول بعضهم: لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأعراف، فالأحكام التي بنيت على عُرفٍ، إذا تغير العرف فإن الحكم يتغير بتغيره، وبعض الناس يصوغ هذه القاعدة بطريقة خاطئةً، فيقول: لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان، فنقول: لا.. الزمن ليس علةً لتغير الحكم لذاته؛ لأن الأصل في الأحكام الشرعية أنها تشمل جميع الأزمنة، إلى قيام الساعة، فهذه الشريعة صالحةٌ إلى قيام الساعة، لكن الحكم قد يختلف باختلاف وجود بعض الصفات، وبوجود العلة وانتفائها أو السبب أو بوجود بعض الموانع أو انتفاء بعض الشروط.
مثال ذلك: مثلًا جاءت الشريعة بأن عقد البيع الذي يكون من الإنسان يكون عقدًا صحيحًا إذا وافق إرادةً أخرى وكلامًا آخر، فحينئذٍ يتم العقد، لكن لو جاءنا هذا اللفظ من مجنونٍ، فنقول: لا يصح، ولا يبنى عليه الحكم، لماذا؟ مع أنكم تقولون الألفاظ تترتب عليها آثارها، نقول: لكن هنا وجد مانعٌ، وهو الجنون، يمنع من إجراء الأحكام على هذا اللفظ، ولهذا طلاق المجنون لا يقع.
وقد يقع اختلاف في بعض الشروط، وبعض الموانع، فالمقصود أن الأحكام الشرعية لا تتغير لتغير الزمان فقط، وإنما تتغير الأحكام الشرعية بسبب تغير الأعراف إذا كان الحكم مبنيًّا على العرف.
مثالٌ: في الحرز هناك الحرز في الزمان الأول غير الحرز في زماننا، والحرز هناك في البلد الآخر غير الحرز في بلدنا.
مثال ذلك أيضًا في القبض، ورد في الحديث: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام قبل قبضه»، متى يكون مقبوضًا؟
يختلف باختلاف العرف، وباختلاف السلع، هل يشترط أن يكون في اليد؟
طيب لو وضعه في السيارة؟ نقول: وَضْعُهُ في السيارة قبض على بعض الأعراف.
هل يشترط كيله، أو وزنه؟ نقول: هذا يختلف باختلاف الأعراف.
فالمقصود أن قبض السلعة يختلف باختلاف العُرف، فإنه في بعض السلع يعد التصرف قبضًا في بلدٍ، ولا يعد قبضًا في بلدٍ آخر.
وهكذا في نوع الاستعمال في العارية، استعار منك السيارة، هل استعملها في الطريق الصحراوي أو في الطريق الأسفلت، أو في الطريق السريع؟ قد يختلف الإذن في العارية بسبب اختلاف الأعراف.
إذن هذه القاعدة قاعدة العادة محكمةٌ، وهذه لمحةٌ عامةٌ عنها.
أسأل الله -جلَّ وعلَا- أن يرزقكم علمًا نافعًا يا أيُّها الحاضرون، ويا أيُّها المشاهدون، اللهم فقهم في دينك، وعلمهم تأويل كتابك، اللهم اجعلهم أئمة هدى يقتدى بهم في الخير، اللهم أصلح أحوال الأمة، وردهم إلى دينك ردًّا حميدًا، اللهم وفق إخواني القائمين على ترتيب هذا اللقاء من مخرج وفنيين، اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين، واجعلهم من أسباب الهدى والتقى والصلاح والعفاف والغنى هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك