الدرس التاسع عشر

فضيلة الشيخ د. عبدالحكيم بن محمد العجلان

إحصائية السلسلة

7803 24
الدرس التاسع عشر

عمدة الفقه (4)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، النبي الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد، فأسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يزيدنا وإياكم من العلم والعمل، وأن يجنِّبنا الشر والخلل، وأن يعيذنا من السوء والزلل، وأن يُعقبنا الخير والتوفيق، والإعانة والتسديد، وأن يحيينا على الإسلام والسنة، وأن يحيي بنا الإسلام والسنة، وأن يميتنا على ذلك، غير خزايا ولا نادمين، إن ربنا جوادٌ كريمٌ.
أيها الإخوة، لم تزل هذه المجالس -بإذن الله جلَّ وعلَا- عامرةً بما يُدار فيها من أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والفقه في كتاب الله، وتعلم هذا العلم، الذي نسأل الله أن يجعله يقر في قلوبنا، ونجد أثره في نفوسنا، ويكون بُلغةً لنا من العلم النافع عند ربنا.
لربما كانت المجالس متتابعةً، حتى انتهينا إلى مسائل الحجب، وأشرنا في عُجالةٍ سريعةٍ الحجب بالوصف، والحجب بالشخص، وحجب الحرمان، وحجب النقصان، وأشرنا إلى جملةٍ من المسائل المتعلقة بذلك. بين يدي هذا الحديث أيها الإخوة أيضًا، ربما ذكرنا في المجلس الماضي، أصحاب الثلث، وأصحاب الثلثين، وأصحاب السدس، وأصحاب النصف، والربع، والثمن، في أثناء ذلك وردت إليَّ رسالةٌ لطيفةٌ، وهذه الرسالة لها معنًى جميلٌ، ولابد لكل طالبٍ أن يكون ملاحظًا لمثل هذا، فإنا في معرض ذكرنا لأصحاب الفروض، يقول من أرسل الرسالة: أنَّا ذكرنا أن أصحاب السدس خمسةٌ، وهم سبعةٌ، فنسينا أن نذكر بعضهم.
فعلى كل حالٍ، صحيحٌ أنهم سبعةٌ، بنت الابن، والأم، والجدة، والأب، والجد، والأخ لأم، والأخت لأم، والأخت لأب، كلهم أصحاب السدس، لكن ليس هذا هو محل الحديث، محل الحديث أنه ينبغي لطالب العلم في تلقيه للعلم أن يكون متأملًا، فلا يتلقى كل ما يُلقى إليه، وكأنه شيءٌ صحيحٌ ثابتٌ، فإن المدرس يغفل، وإن المدرس يجهل، وإن الخطأ يحصل، وإن الفوات يتكرر، فإذا لم يكن لطالب العلم تمحيصٌ ونظرٌ، تدقيقٌ وتأملٌ، يكمِّل به المعلومة، ويتفحص به الحقيقة، ويراجع فيه ما يكون من النقص، فإنه لا يؤتى العلم، ولا يؤتى العلم إلا من كان مراجعًا مدقِّقًا مُكَمِّلًا، وهذا شأن الطالب، فمن أراد تحصيلًا للعلم، فإنما هو بالتدقيق والتنقيب والبحث والتحصيل والتكميل، فهنا تأخذ المعلومة كاملةً، وهنا تأخذها وفيها شيءٌ من النقص، فتكمِّلها، وهنا تأخذها وفيها شيءٌ من الوهم، فتحتاج إلى تثبيتها، والتأكد منها، وتأخذ المعلومة ولمَّا تتضح لك، إما لعيٍّ، لم يستطع المدرس أن يوصلها ويفهمك إياها، وإما لأن الطالب جرى عنده شيءٌ من الثقل، إما لطول اليوم، أو لكثرة الدروس، أو لصعوبة المسألة، أو لشيءٍ من ذهول قلبه، فلابد من حاجةٍ إلى الترميم، حاجةٍ إلى التكميل.
إذا وصلت إلى هذه المرتبة، فاعرف أنك في طريق العلم سائرٌ، وأما إذا كنت تتلقى ما يُلقى إليك، وتترك ما سوى ذلك، فإن هذا إنما تزيد شيئًا قليلًا في هذا الباب، ولا تؤتى باب العلم، الذي به الكمال، ولذلك كان من صفة ابن عباس أن له لسانًا سئولًا، فبالسؤال، والمناقشة والمراجعة يكمل للإنسان العلم.
هذه الحقيقة سرتني هذه الرسالة سرورًا كثيرًا؛ لأنه ينبغي أن يكون الطلاب على ذلك، ولأنها أحوجتنا إلى مثل هذا التنبيه، الذي لا ينفك طالبٌ عن الحاجة إليه، فأهيب بكم، وأحثُّكم، وأذكِّركم في أن تكونوا على هذه الطريقة، وأن يكون الإنسان له شيءٌ من الحس في مراجعة العلم والتأكد منه والتثبت والتكميل ونحو ذلك.
لا نريد أن نطيل، فأمامنا بقي مسائل كثيرةٌ، والوقت بدأ يتضاءل ويتناقص، ولم يبقَ من أيامنا، أو محاضراتنا إلا شيئًا قليلًا، فلعلنا أن نأتي على ما حُدِّدَ لنا في هذا الفصل، فلأجل ذلك لعلنا أن ننطلق، وكما قلنا قبل قليلٍ من أننا بدأنا في باب الحجب، وأشار المصنف -رحمه الله تعالى- على ما في هذا الكتاب من الاختصار إلى شيءٍ من حجب الأشخاص، وأيضًا بإشاراتٍ لطيفةٍ، ليس فيها كثير تفصيلٍ، نحن نبَّهنا على ذلك في شروط الإرث، وأصحاب الفروض، وكيفية تحقق استحقاقه لفرضٍ أو النزول إلى فرضٍ آخرٍ، بما يتبين معه الحرمان من النقصان ونحوه، لكن هذا زيادة تأكيدٍ وتوضيحٍ، فنعرض له مكمِّلًا لما ذكرناه سابقًا، ثم ننتقل بعد ذلك إلى باب العصبات، وهو من الأبواب المهمات.
{بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، قال المصنف -رحمه الله وإيانا-: ويسقط ولد الأم بأربعةٍ: بالولد ذكرًا أو أنثى، وولد الابن والأب والجد}.
إذا قلنا: ولد الأم، فكما تقدَّم معنا أن ولد الأم هو الأخ لأمٍّ، يُقال ولد الأم لماذا؟ ليشمل الأخ والأخت لأمٍّ؛ لأن إرثهما واحدٌ، ولا يختلفان، فمادام أنه كذلك، فإنه دائمًا يعبَّر بعبارةٍ تشملهما، فلا يُحتاج إلى شيءٍ من التفصيل، ولأنك لو ذكرت الأخ لأمٍّ، والأخت لأمٍّ، فقد يُظَنُّ أن بينهما شيءٌ من الاختلاف في أحكام توارثهما، فَعُبِّرَ بولد الأم على الرجل والأنثى من الإخوة لأم؛ لأن أحكامهما واحدة، وحتى لا يظَّنَّ أن بينهما اختلافٌ أو افتراقٌ.
فقال: "ويسقط ولد الأم"، إذن، هذا بيان ما يُحجب به ولد الأم من الإرث بالكلية، فيقول: "بالولد ذكرًا أو أنثى"، وهذا ما كنا قد عبَّرنا عنه في شروط إرث ولد الأم: عدم الفرع الوارث، سواءٌ في إرثهما لفرض السدس، أو إرثهما لفرض الثلث، أليس كذلك؟
فإذن، إذا وُجد في المسألة ابنٌ للميت، أو بنتٌ له، فإن الأخ لأمٍّ يكون ساقطًا، أو ولد الابن، فولد الابن، يعني: بنت ابنٍ، أو ابن ابنٍ، بنت ابن ابنٍ، أو ابن ابنٍ، فكلهم يُسقطون الأخ لأمٍّ، كما ذكرنا في تعريف الفرع الوارث، من أنه ولد الميت، وولد الابن وإن نزل بمحض الذكورية.
والأب والجد، وذلك لأن إرث الأخ لأمٍّ كلالةٌ، يعني مع عدم وجود الأصل، وعدم وجود الفرع، فإذا وجد في المسألة أبٌ للميت، أو جدٌّ وارثٌ، يُعبَّر بالجد، والمقصود بالجد الوارث، الجد الصحيح، الذي ليس بجدٍّ فاسدٍ، وقد ذكرنا من هو الجد الفاسد في باب المواريث، أو عند الفرضيين، وهو: من أدلى بأنثى بين ذكرين.
هنا سنعرض للأمثلة، لكن على شيءٍ من الاستعجال؛ حتى لا يضيع الوقت، أو استثمارًا للوقت، لنتمكن من الانتهاء من المنهج -بإذن الله جلَّ وعلَا-.
هذه المسألة أمامكم فيها: أمٌّ، وزوجةٌ، وبنتٌ، وأخٌ لأمٍّ، وثلاث أخواتٍ لأمٍّ.
الأم هنا تأخذ فرض السدس، لماذا؟ لوجود عددٍ من الإخوة، ولوجود الفرع الوارث. الزوجة تأخذ الثمن؛ لوجود الفرع الوارث. والبنت تأخذ النصف؛ لعدم المعصِّب لها، وعدم المشارك لها. الإخوة لأمٍّ يسقطون، لماذا سقط الإخوة لأمٍّ؟ لوجود الفرع الوارث.
عندكم مسألةٌ بعدها، وهي: زوجٌ، وابنٌ، وخمسة إخوةٍ لأمٍّ.
الزوج له الربع؛ لوجود الفرع الوارث. والابن له الباقي، والإخوة محجوبون لوجود الابن.
مثل ذلك المسألة التي بعدها: الزوجة أخذت الثمن، لوجود ابن الابن، وابن الابن يأخذ المال تعصيبًا، الأخ لأمٍّ حُجب هنا، لماذا حُجب الأخ لأمٍّ؟ لوجود ابن الابن، فهو أحد من يسقط بهم الأخ لأمٍّ.
المسألة التي بعدها، حتى ما يطول الوقت، الإخوة لأمٍّ محجوبون، لماذا؟ لوجود الأب، فإنهم يسقطون بالأب.
المسألة التي بعدها، جدٌّ وثلاثة إخوةٍ لأمٍّ، سقط الإخوة لأم، لماذا؟ لوجود الجد، فهو رابع من يسقط بهم ولد الأم.
هذه المسألة على سبيل الاختصار والاستعجال، لعلنا نأتي إلى المسألة بعدها.
{قال: ويسقط الجد بالأب، وكل جدٍّ بمن هو أقرب منه}.
إذن، هنا بيان ما يسقط به الجد، قبل الذي يسقط به الجد، ما الذي يسقط به الأب؟ الأب لا يسقط كما قلنا: إن الأبوين، والولدين، والزوج أو الزوجة لا يسقطون في مسألةٍ بوجهٍ من الوجوه، إلا أن يكون بهم مانعٌ من موانع الإرث.
إذن، أما الجد الذي هو أبو الأب فهو يسقط بالأب؛ لأن كل من أدلى بشخصٍ يسقط به، إلا الإخوة لأمٍّ، فإنهم يرثون مع وجود الأم، أليس كذلك؟ ومن أيضًا الجدة أم الأب، فإنها ترث مع وجود الأب، أما قاعدة المواريث عند الفرضيين: أن كل من أدلى بشخصٍ يسقط به، إلا هؤلاء، فإذن الجد يسقط بالأب، فلو وجد في المسألة أبٌ وجدٌّ، فالجد ساقطٌ لوجود الأب، وكلُّ جدٍّ يُسقط من هو أعلى منه، الجد الأقرب يُسقط الأبعد.
نأخذ مثالًا: زوجةٌ، وابنٌ، وأبٌ، وأبو أبٍ.
الزوجة تأخذ الثمن، الابن يأخذ الباقي تعصيبًا، الأب يأخذ السدس، أبو الأب محجوبٌ بالأب.
هنا: زوجٌ، وأبو أبٍ، وأبو أبي الأب.
الزوج يأخذ النصف؛ لعدم الفرع الوارث، أبو الأب له الباقي تعصيبًا، أبو أبي الأب ساقطٌ، لم سقط مع أنه جدٌّ وارثٌ؟ لوجود مع هو أقرب منه، فالجد يُسقط من هو أبعد منه، يُقال أعلى منه، أو أبعد منه، الأعلى يعني البعيد، لا يُقصد بالأعلى الأقرب، فالتعبير بالأقرب أحسن والأبعد، الأقرب هو أبو الأب، أقرب من أبي أبي الأب، وأبو أبي الأب أبعد من أبي الأب، وهكذا.
المثال أيضًا الذي بعده مثله، الزوجة لها الثمن، الابن الباقي تعصيبًا، أبو أبي الأب كم يأخذ؟
{الباقي}.
لا، يأخذ السدس؛ لأن الابن أخذ الباقي.
أبو أبي أبي الأب محجوبٌ؛ لوجود الجد الأقرب منه. هذه مسألةٌ تكون واضحةً، وهي ختام ما ذكره المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب الحجب.
هو ذكر ما يكون به حجب حرمانٍ، حجب النقصان يتبين من خلال الانتقال من فرضٍ إلى فرضٍ أقلٍ منه، من خلال شروط الميراث، فلا نحتاج إلى تعدادها، وبالمناسبة في الورقة التي كنا قد أشرنا إليها في المجلس الماضي، نحن عرضناها في الموقع، ورتَّبناها، ففيها كل ما يتعلق بكل المواريث، سواءٌ كان ذلك أصحاب الفروض، أو التعصيب، أنواع التعصيب، أسباب الإرث، موانع الإرث، الشروط في المواريث كلها، الحجب، حجب الحرمان، حجب النقصان، جميع التفاصيل في هذه الورثة، وهي موجودةٌ صُمِّمَت بتصميمٍ مناسبٍ، وعُرضت لديكم في الموقع، فينبغي للإخوة أن يراجعوها، وفيها معلوماتٌ نافعةٌ، فهي مختصرةٌ لأصول الفرائض كلها في ورقةٍ واحدةٍ، وهي من عمل الشيخ حمد العثمان، وكما قلت لكم، توجد أعمالٌ كثيرةٌ، لكن هذا من الأعمال الجيدة في باب الفرائض.
بعد ذلك ننتقل إلى أبواب العصبات.
{قال المصنف -رحمه الله-: باب العصبات، وهم: كل ذكرٍ يُدلي بنفسه، أو بذكرٍ آخر إلا: الزوج، والمعتقة، وعصابتها}.
إذا أردنا أن نتكلم عن العصبات، فالعصبات جمع عصبةٍ، من العُصْبة والتعصب، وذلك أن الإنسان يشد بمن حوله، فهم الذين ينصرونه، وهم الذين يؤازرونه، وهم الذين يشتد بهم كالعصابة التي يتعصب بها، فلأجل ذلك سمي العصبة عصبةً.
والعصبة يأتون عصبةً بأنفسهم، وعصبةً بغيرهم، ومع غيرهم، وأيضًا العصبة بالسبب.
على كل حالٍ، محل الكلام هنا الآن في ترتيب العصبة، وذكر من يدخل فيها، وأصل مشروعية العصبة، وما يتعلق بذلك من الكلام.
أما الإرث بالتعصيب، فقد جاء في كتاب الله -جلَّ وعلَا-: ﴿وَإِن كَانُوا إِخْوَةً رِّجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ﴾ [النساء: 176] و ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ﴾ [النساء: 11]، فهذا إشارةٌ إلى الإرث بالتعصيب.
وحقيقة الإرث بالتعصيب هو: الإرث بلا تقديرٍ، فالفرض هو كما مر بنا، الإرث بنصيبٍ مقدَّرٍ شرعًا، أما التعصيب فهو: الإرث بنصيبٍ غير مقدَّرٍ، بل بما بقي، فأحيانًا يأخذ المال كله، وأحيانًا بعضه، وأحيانًا ما يبقى شيءٌ فيسقط، وسيأتي بيان ذلك في معرض كلام المؤلف.
ودلالة التعصيب في السنة: قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي في الصحيح: «ألحقوا الفرائض بأهله»، يعني أصحاب الفروض، أعطوا كل واحدٍ فرضه، «فما بقي، فلأولى رجلٍ ذكرٍ»، والإجماع منعقدٌ على ذلك عند أهل العلم.
فهنا بدأ المؤلف -رحمه الله تعالى- بالعصبة بأنفسهم، العصبة بالنفس، وهم: كل من يُدلي إلى الميت بنفسه، أو بذكرٍ مثله، ولا يكون بينه وبين الميت أنثى، ولذلكم لو أردتم التعداد في هذا، هم: الابن وابنه، والأب وأبوه، والأخ وابنه إلا من أمٍّ، يعني الأخ لأبوين، والأخ لأبٍ، وأبناؤهم، والعم وابنه، إلا من أمٍّ، فالعم من أبٍ، والعم الشقيق وأبناؤهم داخلون في ذلك، فهؤلاء هم جملة العصبة بالنفس، الابن وابنه، الأب وأبوه، الأخ وابنه، والعم وابنه، هؤلاء ثمانيةٌ، وتمامهم المعتق والمعتقة، لكن هؤلاء عصبةٌ بالسبب، وهو الولاء «إنما الولاء لُحمةٌ كلُحمةٍ النَّسب»، فهم ليسوا نسبًا، وإنما بسبب تفضُّلهم بإعتاق هذا الرقيق.
فهذا بالنسبة للعصبة بالنفس، وهم: كل من أدلى إلى الميت بنفسه، أو بذكرٍ مثله.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "إلا الزوج"، فإن الزوج ذكرٌ، ومع ذلك لم يكن عصبةً، وهذا قد استثني في الدليل، وعليه إجماعٌ، في أن الزوج لا يرث إلا نصفًا أو ربعًا، بشرطه على ما تقدَّم الإشارة إلى ذلك.
والمعتقة فإنها أنثى، ونحن قلنا هو كل ذكرٍ، فهذه مستثناةٌ لمجيء الدليل: «إنما الولاء لمن أعتق»، فأطلق مع الحصر، فدل على دخول المرأة والرجل فيه سواءٌ، وسبب الحديث ظاهرٌ في هذا، فإنها لما أراد أن يعتق، واشترطوا لهم الولاء، فعائشة أعانتها، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «اشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق»، يعني لعائشة -رضي الله تعالى عنها وأرضاها-، فدل على أن المعتقة داخلةٌ في جملة العصبة.
فإذن، وعصباتها، أيضًا عصبة المعتقة، أو المعتق، داخلٌ في العصبة، يعني لو مات ميتٌ، وفيه ابنٌ معتقٌ، أو ابن ابنه، أو ابن معتقةٍ، ابن ابنها، فإنهم يرثون، وهنا تلحظ أن ابن المعتقة أدلى بأنثى، لكنه مع ذلك هو عصبةٌ، وداخلٌ في اسم العصبة؛ لمجيء الدليل بذلك، وإن كان الأصل: أن العصبة هم الذين يدلون بأنفسهم، أو بذكورٍ مثلهم، لكن هذا مستثنى لمحل الدليل، ولذلك قال: "وعصباتها".
إذا تبين أن هؤلاء هم العصبة، وقلنا أن العصبة يرثون بغير تقدير، فكيف نورِّثهم لو اجتمعوا؟ من الذي يرث منهم؟ ومن الذي لا يرث؟ هل كلهم يشتركون؟ أو نختار منهم بدون ما أصل؟
لا، نقول: إن هؤلاء العصبة، وقد بيَّن الدليل أولاهم وأحقهم، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فلأولى رجلٍ ذكرٍ»، فلأجل ذلك بيَّن أهل العلم من هو الأولى بناءً على ما جاء في هذا الدليل.
إذا أردتم أن تعرفوا هذا، فنحن سنذكره على سبيل التسهيل والترتيب، أهل العلم قسَّموا العصبات بالجهة، والدرجة، والقوة. فقالوا: أولى ما يكون من العصبة: هو أقربهم جهةً، أو أسبقهم جهةً، فإن كانوا في الجهة سواءً، فأقربهم إلى الميت، يعني في نفس الجهة، فننظر من الأقرب، إن كانوا في الدرجة سواءً، فأقواهم، فمن كان لأبوين، يقدَّم على من كان لأبٍ، فما هذه الجهات؟
الجهات نقول: بنوة، ثم أبوة، ثم أخوة، ثم بنوهم، ثم عمومة، ثم بنوهم، ثم جهة الولاء.
جهة البنوة، ثم جهة الأبوة، ثم جهة الأخوة، ثم بنوهم، ثم جهة العمومة، ثم بنوهم، أو العمومة وبنوهم، لكن نقول ثم أحسن؛ حتى إذا جئت في القسمة، تتبين أن العم مقدَّمٌ على ابن العم، ثم الولاء. هذه هي الجهات.
فبناءً على ذلك، لو كان عندنا ابنٌ أو ابن ابنٍ، وجهة من الأب أو أبي أبٍ، فنقول: جهة البنوة مقدَّمةٌ على جهة الأبوة.
ولو وُجد عندنا مثلًا أبٌ، أو أبي أبٍ، وإخوةٌ، فالأب أو أبي الأب مقدَّمٌ على الإخوة، وهذا مبنيٌّ على أن الجد يُسقط الإخوة، أما إذا قلنا يُشرَّكون، فنرجع إلى ما تقدَّم دراسته في باب الجد مع الإخوة.
ثم إذا وجد عندنا مثلًا أخوةٌ، أخٌ من أبوين، مع عمٍّ، فنقول: جهة الأخوة مقدَّمةٌ على جهة العمومة.
لو عندنا ابن أخٍ لأبٍ، وعم، فنقول: ابن الأخ مقدَّم؛ لأن جهة الأخوة، وجهة الأخوة أسبق من جهة العمومة، وجهة العمومة أسبق من الولاء، فإذا وجد عندنا عمٌّ شقيقٌ، أو عمٌ لأبٍ، أو عمٌّ وجدٌّ شقيقٌ، أو لأبٍ، أو ابن عم جدٍّ، فهو مقدَّمٌ على المعتق، أو المعتقة، أو أبناؤهم، عصبته المتعصبون بأنفسهم.
فإذن، هذه هي الجهات، أول ما تنظر بالجهة، فمن كان أسبق جهةً، فهو أحق بالتعصيب، فيرث والباقي يسقط.
أنا أسألكم سؤالًا الآن: لو وجد عندنا الآن ابن ابنٍ، وابن ابن ابنٍ، وابن أخٍ شقيقٍ، من المقدَّم؟ ابن الابن، هو الذي يأخذ المال تعصيبًا، وابن الأخ لا يرث، يسقط، لماذا؟ لأن جهة البنوة مقدَّمةٌ على جهة الأبوة، أسبق، ما تقول أقوى، الأحسن تقول: أسبق في استحقاق أقدم جهةً أو أسبق جهةً على الأخوة.
لو كان عندنا مثلًا: ابن ابن ابن ابنٍ، وأب. فمن الذي يأخذ المال تعصيبًا؟ ابن ابن ابنٍ، فإن جهته جهة البنوة، وجهة البنوة مقدَّمةٌ في التعصيب على الأبوة.
لو كان عندنا أبو أبٍ، وعمٌّ شقيقٌ. فنقول: أبو الأب جهة الأبوة، وجهة الأبوة مقدَّمةٌ على أسبق على جهة العمومة.
لو كان عندنا: أبو أبي أبي أبٍ، وعندنا عمٌّ شقيقٌ. فنقول: جهة الأبوة مقدَّمةٌ على العم الشقيق.
لو كان عندنا مثلًا: ابن ابن ابن ابن أخٍ لأبٍ، وعندنا عمٌّ شقيقٌ. فمن المقدَّم؟ ابن ابن ابن أخٍ لأبٍ؛ لأن جهته سابقةٌ على جهة العمومة. إذن، هذا هو الجهة.
ننتقل إذا كانوا في جهةٍ سواءٍ، فأقربهم من الميت، في الدرجة، فأقربهم درجةً، فعندنا مثلًا كلهم سيكونون جهة الأبناء، ابنٌ وابن ابنٍ، الأقرب من؟ الابن، فابن الابن يسقط. لو كان عندنا ابن ابنٍ، وابن ابن ابن ابنٍ. من الذي يكون مستحقًا للتعصيب؟ هو ابن الابن، ويسقط الآخر؛ لأنه أبعد.
إذن، إذا كانوا من جهةٍ واحدةٍ، فالنظر إلى الأقرب، مثل ذلك لو كان عندنا أبو أبٍ، وأبو أبي الجد. فمن الذي يأخذ المال تعصيبًا؟ أبو الأب.
لو كان عندنا مثلًا: ابن ابن أخٍ شقيقٍ، وأخٌ لأبٍ.
الأخوة ثم بنوهم، إذن الأخ لأبٍ، أو الأخ الشقيق أقرب من ابن ابن أخٍ، نحن قلنا: ابن ابن أخٍ شقيقٍ، وأخٌ لأبٍ، الأخ لأبٍ أقرب.
لو كان عندنا مثلًا: ابن ابن أخٍ شقيقٍ، وابن ابن أخٍ لأبٍ. فنقول: الأخ الشقيق أقوى، هذا في القوة، لكن خلوا القوة قليلًا حتى نصل إليها، فإذن، الأقرب هو الأقرب منزلةً في الدرجات القرب، وأما مثَّلتها لكم الآن.
لو كان عندنا مثلًا: عمٌّ شقيقٌ، وابن عمٍّ لأبٍ، فالعم الشقيق أقرب، لو كان عندنا العكس، ابن عمٍّ شقيقٌ، وعمٌّ لأبٍ، لو لاحظتم في ما ذكرناه قبل قليلٍ، قلنا العمومة ثم بنوهم، إذن العم لأبٍ أقرب من ابن العم الشقيق، ثم لو كان عم جدٍّ شقيقٌ، وابن عمٍّ شقيقٌ، هذا عم الجد، ليس عم الميت، عم أبيه، فمن الأقرب؟ ابن العم الشقيق، أو عم الجد الشقيق؟
{عم الجد الشقيق}.
لا، ابن العم الشقيق؛ لأن درجته أقرب للميت، هذا بينه وبينه واسطتان، فنحن نقول: الأعمام ثم بنوهم، العم الشقيق، ثم العم لأبٍ، ثم ابن العم الشقيق، ثم ابن العم لأبٍ، ثم عم الجد الشقيق، ثم عم الجد لأبٍ، ثم ابن عم الجد الشقيق، ثم ابن عم الجد لأبٍ، ثم عم أبي الجد الشقيق، ثم عم أبي الجد لأبٍ، ثم ابن عم أبي الجد الشقيق، ثم ابن عم أبي الجد لأبٍ، وهكذا.
إذا كانوا في جهة فالنظر بالدرجة، لو كان عندنا ابن معتقٍ، وابن ابن معتقٍ. نقول: ابن المعتق أقرب من ابن ابن المعتق، وهكذا.
إذا كانوا في جهةٍ واحدةٍ، ودرجةٍ واحدةٍ، فالنظر بالقوة، وهذا إنما هو في الإخوة وفي العمومة، يعني إذا كان عمًّا لأبٍ، وعمًّا شقيقًا، فالأقوى العم الشقيق؛ لأن العم الشقيق يدلي بقرابتين، وأما العم لأبٍ يدلي بقرابةٍ واحدةٍ، فإذا وُجد مثلًا أخٌ شقيقٌ، وأخٌ لأبٍ، فنقول: إنهم وإن كانت الجهة واحدةً، والقرب واحدٌ، إلا أن الأخ الشقيق أقوى من الأخ لأبٍ.
لو وجد عندنا ابن ابن ابن أخٍ شقيقٍ، وابن ابن ابن أخٍ لأبٍ، فنقول: ابن ابن ابن الأخ الشقيق أقوى من ابن ابن ابن الأخ لأبٍ.
لكن لو عندنا ابن ابن أخٍ لأبٍ، وابن ابن ابن أخٍ شقيقٍ، فيكون ابن ابن أخ لأبٍ أقرب.
فإذن، انظر دائمًا درجة القُرب مقدَّمةٌ، فإذا كان قربهم متساويًا، فننظر بالقوة.
هذا إذن مثالٌ لما يتعلق بالتقديم في الإرث بالتعصيب، نقول: إذن عندنا الجهات خمسة، هي: البنوة، ثم الأبوة، ثم الأخوة، ثم بنوهم، حتى تعرف، يعني نحن نفصِّل هذا التفصيل؛ حتى يكون أكثر وضوحًا، ثم العمومة، ثم بنوهم، ثم الولاء الذي هو المعتق والمعتقة، ثم بنوهم.
هذا بالنسبة للجهات، إذا كانوا من جهةٍ واحدةٍ، فأقربهم درجةً، أقربهم إلى الميت، مثل ما ذكرنا في الأمثلة، فإن كانوا جهةً وقربًا سواءٌ، فننظر إلى القوة، وهذا إنما يتحقق في الأخوة والعمومة.
هذا بالنسبة لدرجات التفضيل في هذا، بالنسبة للعصبة، سواءٌ كانوا عصبةً بالنفس، أو عصبةً بالغير، أو عصبةً مع الغير، هذا وجه إرثهم بالتعصيب، لكن بالنسبة إلى التفاضل بينهم مثل ذلك، يعني لو وجد عندنا أختٌ شقيقةٌ، مع بنتٍ وابن أخٍ شقيقٍ، فمن الذي يأخذ الباقي تعصيبًا؟ الأخت الشقيقة؛ لأن الأخت الشقيقة مع البنت عصبةٌ، عصبةٌ مع الغير، وهي أقرب من ابن الأخ الشقيق.
لو كان مثلًا عندنا ابن ابنٍ، وعندنا ابنٌ وبنتٌ. البنت ترث المال تعصيبًا مع الابن، وابن الابن يسقط؛ لأنه أبعد درجةً.
هذه مهمٌّ أن تعيدوا الأمثلة فيها كثيرًا؛ حتى تقوى عندكم، أصعب ما فيها أحيانًا الإخوة وبنوهم، والأعمام وبنوهم، فنقول: درجة أعمام الشخص الميت هم أقرب، ثم بنوهم، ثم أعمام أبيه، ثم بنوهم، ثم أعمام جده، ثم بنوهم، وهكذا. فأبناء عم الميت أقرب من أعمام أبيه، وأبناء عم أبيه، أقرب من أعمام جده، وهذا طبعًا في الأعمام الذين هم عصبةٌ، الذين هم أعمامٌ أشقاءٌ أو من أبٍ، أما الأعمام من أمٍّ، وأبناء العم من أمٍّ، والإخوة من أمٍّ ونحو ذلك، فهم ليسوا من جملة العصبة.
نأخذ المثال الذي ظهر أمامكم الآن: مات رجلٌ عن: زوجةٍ، وأبٍ، وابنٍ.
الزوجة من أصحاب الفروض، فتأخذ الربع، لماذا الربع، إذا قلت لكم شيئًا ما تقولون مباشرةً، تردون ورائي، لابد أن تتأكدوا، المسألة فيها ابنٌ، فيها فرعٌ وارثٌ، فإذن هي أخذت الثمن.
عندنا الأب والابن كلهم من أصحاب التعصيب، هل يأخذ الأب تعصيبًا هنا؟ لا يأخذ تعصيبًا، لِمَ لَمْ يأخذ تعصيبًا؟ لوجود الابن، فجهة البنوة مقدَّمةٌ على جهة الأبوة، فبناءً على ذلك، لم يرث الأب تعصيبًا، وورث هنا السدس لماذا؟ لأن الأب لا يسقط بحالٍ، فلذلك لئلا يسقط ورَّثناه السدس، ويأخذ الابن الباقي تعصيبًا؛ لأن جهته أقرب، أو لأن جهته أسبق، أحسن العبارة بالسبق، أو بالقِدَم.
عندنا: زوجٌ، وأبٌ، وابن ابنٍ.
الزوج يأخذ الربع، لوجود ابن الابن. الأب، أول شيءٍ هل يرث تعصيبًا؟ لا يرث تعصيبًا، لماذا؟ لوجود ابن الابن، وابن الابن جهته مقدَّمةٌ على جهة الأبوية، فنقول: يأخذ السدس؛ لئلا يسقط، نعم ﴿وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ﴾ [النساء: 11].
ابن الابن أخذ الباقي تعصيبًا، قُدِّمَ ابن الابن على الأب؛ لأن جهته، جهة البنوة مقدَّمةٌ على جهة الأبوة.
هنا مثالٌ للتفاوت في الدرجة: زوجةٌ، وأبٌ، وأبو أبٍ.
الزوجة لها الربع، لعدم الفرع الوارث، من الذي يرث؟ الأب وأبو الأب كلهم من أصحاب التعصيب، وكلهم من جهةٍ واحدةٍ، وهي جهة الأبوة، نقول: لكن الأب أقرب، فبناءً على ذلك يأخذ الباقي تعصيبًا ويسقط أبو الأب؛ لأنه محجوبٌ بمن هو أقرب منه. الزوجة هنا لها الربع، والأب الباقي تعصيبًا؛ لأنه ليس معه معصِّبٌ سواه، ولا من هو أحق منه بالتعصيب.
ثم أبوه وإن علا، ما لم يكن إخوةً.
هنا مثال لماذا؟ زوجةٌ، وبنتٌ، وأبو أبٍ، وأخٌ لأمٍّ.
هنا الزوجة تأخذ الثمن؛ لوجود البنت. البنت تأخذ النصف. أبو الأب مع الأخ لأمٍّ، هذا على مسألة الجد مع الإخوة، فمن يُسقط الإخوة بالجد، فيجعل المال الباقي تعصيبًا لأبي الأب، ومن يُشرَّكهم، فهو على ما قلنا في التشريك. لا، هنا أخٌ لأمٍّ، عفوًا أنا ما انتبهت، أخٌ لأمٍّ، هو محجوبٌ بأبي الأب، فبناءً على ذلك لا يرث، فأبو الأب هنا أخذ السدس؛ لوجود البنت، وأخذ الباقي تعصيبًا لكونه أولى رجلٍ ذكرٍ.
هنا مثال: زوجةٌ، وأبو أبٍ، وأخٌ شقيقٌ.
الزوجة تأخذ الربع. أبو الأب يأخذ الباقي تعصيبًا. والأخ الشقيق يسقط على قولنا من أن الجد يُسقط الإخوة، أما إذا قلنا من أن الإخوة والجد يشتركون في المال، فنرجع إلى كيفية التوريث للجد مع الإخوة، إما المقاسمة، وإما أن يأخذ ثلث الباقي، أو السدس، إن كان مع فرضٍ أو بدون فرضٍ، على ما مر بنا في ما مضى.
قال: "ثم بنو الأب، ثم بنوهم، وإن نزلوا"، طبعًا هذه حتى نأتي عليها، ما تحتاج تقرأ يا صهيب، سنأتي بها توضيحًا؛ لأن القاعدة لكم قد بيَّناها بما تقدَّم من اعتبار الجهات، ثم القرب، ثم القوة، ثم بنو الأب، ثم بنوهم وإن نزلوا.
هنا عندنا مثالٌ: زوجةٌ، وبنتٌ، وأخٌ شقيقٌ.
بنو الأب، من هم بنو الأب؟ بنو الأب هم الإخوة، بنو أبي الميت، الميت بنوه إخوته، بنو أبيه إخوته، أليس كذلك؟ فلما قال عبَّر ببنو الأب، فالمقصود هم الإخوة، ولذلك في المثال أمامكم: زوجةٌ، وبنتٌ، وأخٌ شقيقٌ.
الزوجة تأخذ الثمن؛ لوجود البنت. والبنت تأخذ النصف؛ لعدم المعصِّب، عدم المشارك. الأخ الشقيق يأخذ الباقي تعصيبًا؛ لأنه أولى رجلٍ ذكرٍ.
مثل ذلك: زوجةٌ، وبنتٌ، وابن أخٍ شقيقٍ.
الزوجة لها الثمن، البنت النصف لما ذكرنا، ابن الأخ الشقيق أولى رجلٍ ذكرٍ، كذلك هنا الأخ لأبٍ يأخذ الباقي تعصيبًا، والأم تأخذ الثلث؛ لعدم الفرع الوارث، وأيضًا عدم الجمع من الإخوة، والزوج له النصف. ابن الأخ لأبٍ هنا وارثٌ، فيرث الباقي تعصيبًا، بعد أخذ الأم للثلث.
"ثم بنو الجد، ثم بنوهم" بنو الجد الذين هم إخوان أبي الميت، وإخوان أبي الميت هم أعمامه، لابد أن يعني التنويع في هذه العبارة تزيد من حركة الذهن، بنو الجد، بعض الناس ما يعرف من بنو جده، بنو جده هم أعمامه؛ لأنهم إخوةٌ لأبيه، لأجل ذلك هنا قال: زوجةٌ، وبنتٌ، وعم ابن جدٍّ، الذي هو إما شقيقًا أو لأبٍ، فيأخذ المال تعصيبًا.
مثال أيضًا: بنتان، وابن عمٍّ.
البنتان يأخذن فرض الثلثين، وابن العم يأخذ الباقي تعصيبًا؛ لأنه أولى رجلٍ ذكرٍ.
قال: "وعلى هذا، لا يرث بنو أبٍ أعلى مع بني أبٍ أدنى منه، وإن نزلوا، وأولى كلِّ بني أبٍّ أقربهم إليه، فإن استوت درجاتهم، فأولاهم من كان لأبوين".
هذه هي العبارة التي مثَّلناها لكم بالقرب في الدرجة، ثم القوة.
بما أن هذه بدايةٌ في ذكر المؤلف، وإن كانت الإشارة إليه مرَّت، لكن حتى نورد الأمثلة عليه، والوقت قد انتهى، نجعلها في مستهل اللقاء القادم، -بإذن الله جلَّ وعلَا-.
أسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، لابد أن تعيدوا النظر قليلًا، وتراجعوا الجهات، والقرب، والقوة، وأيضًا تفصِّلوا شيئًا من ذلك، وتتزودوا بالأمثلة، ولعلنا -إن شاء الله- أن ننزِّل في الموقع جملةً من الأمثلة، وتمارين تزيدكم تحققًا من إدراك هذه المعاني.
أسأل الله أن يتم علينا وعليكم نعمه، وأن يزيدنا من فضله، وأن يعيننا على التمام والكمال في هذا المنهج المبارك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على النبي الأمين.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك