الدرس التاسع

معالي الشيخ د. سعد بن ناصر الشثري

إحصائية السلسلة

13427 12
الدرس التاسع

الأصول من علم الأصول

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين، أما بعد..
فأرحب بكم في لقاءٍ جديدٍ من لقاءاتنا في الأكاديمية الإسلامية، نتناول فيه شرح جزءٍ من كتاب الأصول من علم الأصول، للشيخ العلامة محمد العثيمين غفر الله له.
وكنا فيما سبق ذكرنا أن علم الأصول يتكون من أربعة أشياءٍ:
أولها: تصور الأحكام الشرعية، وقد أتممناه بفضل الله.
وثانيها: يتعلق بالأدلة الشرعية.
وثالثها: يتعلق بقواعد الاستنباط، وقد أخذنا شيئًا كثيرًا منها في لقاءاتنا السابقة، بعضها يتعلق بالعموم وبعضها بالمنطوق والمفهوم، وبعضها بالمطلق والمقيد، والمؤول.
وهنا قسمٌ رابعٌ يتعلق بالاجتهاد والتقليد، كنا في مبحث الأدلة أخذنا ثلاثة أدلةٍ وذكرنا أن الأدلة على نوعين، أدلةٌ متفقٌ عليها، وهناك أدلةٌ وقع فيها اختلافٌ.
والأدلة المتفق عليها، أخذنا منها:
- الكتاب وهو القرآن العظيم.
- السنة، وهي أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته.
- الإجماع، وهو اتفاق مجتهدي الأمة في عصرٍ من العصور على حكمٍ شرعيٍّ، وذكرنا أن هذا الاتفاق حجةٌ، وأقمنا الأدلة على حجية كل واحدٍ من هذه الأدلة.
عندنا اليوم دليلٌ آخر ألا وهو القياس، كثيرٌ من العلماء يجعله الدليل الرابع من الأدلة المتفق عليها، وإن كان فيها خلافٌ قليلٌ، خالف فيه الظاهرية، وبعض المتقدمين، كانوا لا يرون حجية القياس.
لكن جماهير أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة وأتباعهم يرون أن القياس من الحجج الشرعية على ما سيأتي عند ذكر الخلاف فيه.
وقال بعض العلماء: إن القياس ليس دليلًا مستقلًا، وإنما هو طريقٌ من طرق فهم الأدلة؛ لأن القياس لا يستقل بإثبات الحكم بنفسه، بل لابد أن يكون مبنيًّا على دليلٍ سابقٍ.
مبحث القياس مبحثٌ مهمٌ، ويحسن بالناس أن يتعلموه، وأن يتدارسوه، وأهميته تبرز من أمور ٍكثيرةٍ، أشهرها ما يأتي:
أولًا: أن هذا المبحث مبحثٌ صعبٌ على الناس في الغالب أول مرةٍ يسمعونه، بالنسبة لعامة الناس، وبالتالي فإن هذا المبحث المهم يحتاج إليه الناس الذين يريدون أن يدخلوا باب العلم الشرعي، لأنهم لم يتعلموه قبل ذلك.
الثاني: أن مبحث القياس يمكن به أن نعرف أحكام المستجدات الجديدة، فإنه ما من عصرٍ وإلا وتحدث فيه مستجداتٌ كثيرةٌ، خصوصًا في عصرنا الحاضر، هناك مستجداتٌ طبيةٌ وهناك مستجداتٌ فنيةٌ، وآلاتٌ جديدةٌ، ومعاملاتٌ مصرفيةٌ كثيرةٌ، وإلى غير ذلك من النوازل الجديدة، وبالتالي نحن نحتاج إلى هذا المبحث، مبحث القياس من أجل أن نعرف أحكام تلك النوازل والمسائل الجديدة.
الثالث: أن مبحث القياس فيه اصطلاحاتٌ وكلماتٌ نحتاج إلى معرفة معانيها من أجل فهم كلام أهل العلم، مثال ذلك مثلنا عندنا المعارضة، النقد، الاطراد، المناط، التنقيح، هذه كلها مصطلحاتٌ يستخدمها العلماء سواءً في تفسير القرآن أو في شروح الأحاديث، أو في مسائل الفقه، فمن ثم نحن نحتاج إلى معرفة معاني هذه المصطلحات من أجل أن نتمكن من فهم كلام أهل العلم.
كذلك من فوائد هذا العلم أنه يدرب الإنسان على تطبيق مسائل الأصول، كذلك مبحث القياس هو استثمارٌ للأدلة من الكتاب والسنة، لأنه يوجِد نظائر لما هو مذكور في الكتاب والسنة، فأنت حينئذٍ بتعلٌّم مباحث القياس وبتطبيقها تكون قد تعلمتَ مباحث الكتاب والسنة، وكذلك تعلمتَ مباحث القياس.
ولذلك لا زال العلماء يعولون على هذا الباب كثيرًا باب القياس، بل بعض الأصوليين بالغ في التنويه بأهمية باب القياس، وعظم مكانته، وكثرة الفائدة المستخرجة منه.
إذن هذا مبحثٌ مهمٌ ينبغي بنا أن نتأنى فيه، وأن نتدارسه، وأن نتعلمه.
ما هو القياس؟
القياس في اللغة يطلق على معنيين:
الأول: التقدير.
الثاني: المساواة.
تقول مثلًا: قِست الثوب، بمعنى عرفت مقداره، وأما المساواة فأن تقول فلانٌ يقاس بفلانٍ، بمعنى أنه يساويه، هذا معنى القياس في اللغة.
أما معناه في الاصطلاح فقد عرفه المؤلف بقوله: (تسوية فرعٍ بأصلٍ في حكمٍ لعلةٍ جامعةٍ بينهم).
التسوية مأخوذةٌ من المعنى اللغوي، والفرع هو المسألة الجديدة التي جاءتنا ونحتاج إلى معرفة الحكم الشرعي فيها، بأصل المراد به المسألة التي ورد بحكمها دليلٌ من الكتاب والسنة، في حكم: يعني في حكمٍ شرعيٍّ، سواءً كان تكليفيًّا أو وضعيَّا، لعلةٍ جامعةٍ بينهما: أي لوصفٍ يكون سببًا للحكم في كلٍّ منهما.
ونضرب لذلك مثلًا:
إذا جاءنا إنسانٌ وقال: ما حكم ركوب السيارة؟
نقول: أين الأصل؟ نريد له دليلًا ما نجد، لكننا نجد دليلًا قياسيًّا، كان النبي صلى الله عليه وسلم يركب الجمل، فركوب الجمل كان مُباحًا، فنقيس عليه ركوب السيارة، ما هو الأصل؟
ركوب الجمل، ما هو الفرع؟ ركوب السيارة، الحكم: جواز الركوب، العلة: كل منهما مركوبٌ، أو يتم الانتقال به.
فإذن هذا يكون قياسًا قد اجتمعت في هذه الأركان الأربعة، إذن القياس تسوية فرعٍ بأصلٍ في حكمٍ بسبب وجود علةٍ جامعةٍ بينهما.
ما هي العلة؟ الوصف الظاهر المنضبط الذي يحصل من ترتيب الحكم عليه مصلحةٌ، سيأتي تفصيله.
إذن عرفنا معنى القياس وأتينا بمثالٍ، فيه أحدٌ يأتي لنا بمثالٍ آخر.
قال المؤلف: (فالفرع، إذن القياس عندنا له أربعة أركانٍ:
الأول: الفرع، وهو المقيس وهو المسألة الجديدة التي نريد أن نثبت فيها الحكم.
الركن الثاني: الأصل: وهو المقيس عليه، أي المسألة المنصوص على حكمها، أو المجمع عليه.
والركن الثالث: الحكم، قال: والحكم هو ما اقتضاه الدليل الشرعي، أي ما أنتجه الدليل الشرعي من وجوبٍ أو تحريمٍ أو صحةٍ أو فسادٍ أو غيرها، لأنه عندنا الأحكام قد تكون تكليفيةً، الأحكام الخمسة، وقد تكون أحكامًا وضعيةً بالصحة والفساد والأداء والقضاء والعزيمة والرخصة ونحو ذلك.
والركن الرابع: العلة)
، ما هي العلة؟
قال: المعنى الذي ثبت بسببه حكم الأصل، يعني: الشرع أثبت الحكم في الأصل لوجود معنًى، فحينئذٍ إذا وجد هذا المعنى في فرعٍ فإننا نلحق الفرع بهذا الأصل في الحكم الشرعي.
هذه الأربعة تسمى أركان القياس، ونأتي لذلك بمثالٍ.
الخمر ما حكمها؟
يحرم شربها، الدليل؟ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: 90] لماذا حرمت؟
ما هو الوصف الذي علق عليه تحريم الخمر؟
الإسكار، فجاءنا في عصرنا الحاضر مشروباتٌ ومطعوماتٌ جديدةٌ، بعضها مسكرٌ، من أنواع المخدرات، ما حكمها؟ حرامٌ.
ما الدليل؟ من الأدلة إلحاقها بالأصل الذي هو الخمر، فنقول: المخدرات حرامٌ كالخمور لإسكارها.
أين الأصل؟ الخمر.
الفرع؟
{المخدرات}
العلة؟
{الإسكار}
الحكم؟
{التحريم}
مثَّل له بمثالٍ آخر، في قول الله -عزَّ وجلَّ: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنكُمُ الحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُو﴾ [النور: 59]، هنا أوجب استئذان البالغين بعد بلوغهم، في الأوقات الثلاثة المذكورة في الآيات قبلها، ونقيس على الطفل الذي بلغ، المجنون الذي أفاق، فعندنا الأصل هو؟ الطفل الذي بلغ، والفرع: المجنون الذي أفاق، والحكم: وجوب الاستئذان، والعلة في هذا، أصبح من أهل التكليف.

هل القياس دليلٌ شرعيٌّ؟
نقول: نعم القياس دليلٌ شرعيٌّ، أو دليلٌ لاستثمار الأدلة، وبالتالي فالقياس نستطيع أن نثبت به أحكام عددٍ من الوقائع الجديدة، وهذا قول جماهير أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة، خلافًا للظاهرية.
وما الدليل على أن القياس حجةٌ شرعيةٌ تؤخذ الأحكام الشرعية بواسطته؟
قالوا: هناك أدلةٌ كثيرةٌ، منها: قول الله -عزَّ وجلَّ: ﴿اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ﴾ [الشورى: 17]، فهو أنزل الكتاب وكذلك أنزل الميزان، فالميزان هو ما توزن به الأمور وتقاس به، ومن ذلك ما يتعلق بالقياس.
الدليل الثاني: قول الله -عزَّ وجلَّ: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ﴾ [الأنبياء: 104] إذن الدليل الثاني أننا وجدنا أن النصوص الشرعية قد استخدمت القياس في عددٍ من المواطن، ومن ذلك أن الله تعالى أثبت وجود البعث قياسًا على وجود الخلق الأول، فقال: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ﴾ فقاس الإعادة على الإيجاد في الخلق الأول.
ما الأصل؟ الإيجاد الأول.
ما الفرع؟ البعث.
ما الحكم؟ جوازه على الله.
ما العلة؟ كلاهما خلق لله عزَّ وجلَّ.
ومثله قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ﴾ [فاطر: 9]، فهنا قياسٌ، استعمل الله -عزَّ وجلَّ- القياس، قاس ماذا؟ قاس النشور على إحياء الأرض بالنبات عند نزول المطر، بعد موتها، فهنا الأصل ما هو؟ إحياء الأرض بالأمطار بعد موتها.
الفرع؟ النشور، إثبات المعاد يوم القيامة.
الحكم: جوازه على الله.
العلة: كلاهما خلق لرب العزة والجلال، أو كلاهما إحياءٌ للموتى.
هناك مواطن قياسيةٌ كثيرةٌ في الكتاب، استدل الله عزَّ وجلَّ بالقياس في مواطن كثيرةٍ من أجل إقامة الحجة على الكافرين والمشركين.
هناك أدلةٌ أخرى أيضًا منها أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استعمل القياس، فاستعمال النبي صلى الله عليه وسلم للقياس دليلٌ على حجيته، ومشروعية أخذ الأحكام منه.
ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لما سألته امرأةٌ عن الصيام عن أمها بعد موتها، تقول: للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله أمي ماتت وعليها صومٌ أصوم عنها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أرأيت لو كان على أمك ديْنٌ فقضيته أكان يؤدي ذلك عنه» يجزئ أو لا يجزئ، قالت: نعم، يعني: أنه يجزئ، قال: «فصومي عن أمك».
وفي بعض الألفاظ قال: «أرأيت لو كان على أمك دينٌ أكنت قاضيته»، فقالت: نعم، هنا قياسٌ، الأصل ما هو؟ ديون الآدميين.
الفرع: الصوم الواجب في الذمة.
الحكم: وجوب الوفاء أو مشروعية الوفاء به.
العلة: ديْنٌ في الذمة.
كذلك من أمثلة هذا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رجلٌ فقال: يا رسول الله ولد لي غلامٌ أسود، كأنه يُعرِّض بزوجته، يقول: أنا أبيض وهي بيضاء فكيف يأتي ابنٌ أسود؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هل لك من إبلٍ؟»، تملك إبلًا؟، فقال الرجل: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما ألوانها؟»، فقال الرجل: حمرٌ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هل فيها من أورق؟»، فقال الرجل: نعم، قال: «من أين جاءه»، كلها ألوانها حمرٌ، هذا الأورق الذي فيه لون السواد من أين جاءها؟
فقال الرجل: لعله نزعه عرقٌ، من أجداده أو نحوهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «فلعل ابنك هذا نزعه عرقٌ».
هذا دليلٌ قياسيٌّ، استخدم النبي صلى الله عليه وسلم القياس فيه.
أين الأصل؟ الإبل.
الفرع: ابن آدم.
الحكم: جواز إتيانه بلونٍ مغايرٍ للون والديه.
العلة: لعله نزعه عرقٌ.
إذن هنا عَرَّضَ الرجل باتهام المرأة، فاستعمل له النبي صلى الله عليه وسلم القياس، فقاس النبي صلى الله عليه وسلم حال ذلك السائل على حال الإبل، في أن الجنين قد ينزعه عرقٌ بعيدٌ.
وهنا استخدامٌ من النبي صلى الله عليه وسلم للقياس مما يدل على حجية القياس.
قال المؤلف: (وهكذا جميع الأمثال الواردة في الكتاب والسنة دليلٌ على القياس بما فيها من اعتبار الشيء بنظيره، فهذه وقائع كثيرةٌ فيها دلالةٌ أو فيها استعمالٌ للقياس، مما يدل على حجية القياس).
ومن أمثلته أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن القبلة للصائم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أرأيت لو تمضمضتَ»، يقول: لو تمضمضتَ فهذا لا يعد فطرًا مع أنه مقدمةٌ للشرب، قال: فهكذا القبلة مقدمةٌ أي سببٌ من أسباب الفطر فلا يعد مفطرًا بذاته.
إذن عندنا أولًا: الاستدلال بقوله -جلَّ وعلَا:
{﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ﴾ [الأنبياء: 104]}
قبلها: ﴿اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ﴾ [الشورى: 17].

والدليل الثالث: الاستعمال النبوي للقياس.
هناك أيضًا من الأدلة إجماع الصحابة، فقد أجمع الصحابة على إعمال القياس والاستدلال بدليل القياس، فقد ورد عنهم رواياتٌ كثيرةٌ متعددةٌ تدل على هذا المعنى.
من ذلك أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب كتابًا لأبي موسى الأشعري عندما ولاه القضاء، فقال عمر: ثم الفهم الفهم فيما أدلي عليك مما ورد إليك مما ليس في قرآنٍ ولا سنةٍ، ثم قايسْ الأمور عند ذلك واعرف الأمثال، ثم اعمد فيما ترى إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق.
فهذا استعمالٌ للقياس، كتاب عمر لأبي موسى كتابٌ له مكانته ومنزلته وقد تلقاه العلماء بالقبول.
وقال المؤلف: (وحكى المزني أن الفقهاء من عصر الصحابة إلى يومه أجمعوا على أن نظير الحق حقٌ، ونظير الباطل باطلٌ).
هو يستدل الآن بإجماع مَن بَعدَ الصحابة، قالوا: واستعملوا المقاييس في الفقه في جميع الأحكام.
فهذا دليلٌ صريحٌ واضحٌ على حجية هذا القول، هذه أدلةٌ قويةٌ جدٌّا تدل على أن القياس دليلٌ مُستقلٌ وليس تابعًا للأدلة الأخرى.
وقد ورد عن عددٍ من الصحابة استعمال القياس في حوادث كثيرةٍ، قد ورد عنهم من ألفاظهم ما يدل على استخدام القياس.
القياس له شروطٌ، إذا انتفى أحد هذه الشروط كان قياسًا باطلًا مردودًا على صاحبه.
الشرط الأول: عدم معارضة دليلٍ شرعيٍّ.
فلو تعارض دليلٌ شرعيٌّ مع القياس فحينئذٍ نقدم الدليل الآخر، طيب والقياس، قالوا: هذا نسميه فاسد الاعتبار.
ومن أمثلة ذلك: ما لو جاءنا إنسانٌ وقال: إن صلاة المغرب تشرع ثلاث ركعاتٍ؛ لأنها عند تغير الوقت من نهارٍ إلى ليلٍ، وبالتالي أقيس عليها صلاة الفجر؛ لأنها تصلى عند تغير الوقت، وبالتالي تصلى ثلاث ركعاتٍ.
موافق يا سمير؟
{لا، لا}
خذ اللاقط، وافقت على ماذا؟ أنت تلهو بالكتاب.
{ما وافقت}
أعد علي الجملة.
{يعني يأتي رجلٌ يقول أن صلاة المغرب ثلاث ركعاتٍ،}
لأنها انتقال من النهار إلى الليل، وصلاة الفجر مثلها لأن في وقتها انتقالًا من الليل إلى النهار، وبالتالي تصلى ثلاث ركعاتٍ.
{المغرب أم الفجر}
الفجر.
{لا، لا}
إذن هذا نقول قياسٌ فاسد الاعتبار.
أين الأصل؟ صلاة المغرب.
الفرع: صلاة الفجر.
الحكم: تصلى ثلاثًا.
العلة: وقت انتقال ما بين الليل والنهار.
ماذا نقول؟ هذا قياسٌ فاسد الاعتبار، لماذا؟ لأنه قياسٌ مخالفٌ للنص، وبالتالي لا يلتفت إليه.
مَثَّلَ المؤلف بمثالٍ فقال: (مثال ذلك لو قال: يصح أن تزوج المرأة الرشيدة نفسها بغير وليٍّ قياسًا على صحة بيعها مالها بغير وليٍّ).
أين الأصل؟ البيع.
الفرع: الزواج.
الحكم: تزويج البالغ لنفسها.
العلة: صحة تصرفاتها.
نقول: هذا فاسد الاعتبار، لماذا؟ لمخالفته النص الوارد بمشروعية
{الزواج}
مشروعية الزواج بدون وليٍّ ولا بوليٍّ؟
{بولي}
إذن نقول مشروعية الولي وليس مشروعية الزواج، ووجوب وجود الولي.
إذن هذا قياسٌ فاسد الاعتبار؛ لأنه مخالفٌ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بوليٍّ».
نأتي بمثالٍ آخر لقياسٍ فاسد الاعتبار.
قال القائل: صلاة الجمعة يجتمع لها الناس يجوز أن تفعل بالزوال فنقيس عليها صلاة العيد.
ما رأيكم؟
هو الآن يريد أن يقرر أن صلاة العيد ما تؤدى إلى بعد الزوال، نقول: هذا قياسٌ فاسد الاعتبار لمخالفته لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
الشرط الثاني: أن يكون الأصل ثابتًا، حُكم الأصل أن يكون ثابتًا، إما بنصٍ أو بإجماعٍ.
لكن لو كان الأصل لم يثبت حكمه، لا يجوز أن تبني حكمًا على ما لم يثبت.
ونأتي لذلك بمثالٍ: قال القائل: يجوز أو يشرع أن يقال عند الخروج من الخلاء: غفرانك اللهم، أو أن يقول: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني، يقول: بما أنها يشرع أن يُقال ذلك عند الخروج من الحمام، فكذلك عند الخروج من المزابل يشرع هذا القول.
فنقول أصلًا الحديث الأصل الذي عندك لم يثبت بالتالي لا يجوز أن تبني عليه حكمًا.
نأتي بمثالٍ آخر:
لو قال قائلٌ: إن بيع المزابنة حرامٌ في الكثير، فكذلك في القليل.
الأصل: المزابنة في الكثير.
الفرع: المزابنة في القليل.
الحكم: المنع والتحريم.
العلة: كلها بيعها رطبٍ بتمرٍ.
{أليس الضرر}
لا الضرر غير مقيس، غير منضبطٍ، وبالتالي لا يصح أن يبنى عليه، العلة في الحقيقة: أنه عدم العلم بالتساوي يكون بمثابة العلم بالتفاضل.
فيأتي معترضٌ ويقول: جاءنا في الشرع إباحة العرايا، وهي في القليل فيما دون خمسة أوسق، بالتالي يقول: هذا القياس الذي ذكرته قياسٌ فاسد الاعتبار، وبالتالي لا يصح أن تبني عليه حكمًا.
ومن أمثلة ذلك مثلًا لو قال لنا: أظن مثَّل المؤلف بمثالٍ، قال: مثال ذلك أن يقال يجري الربا في الذرة قياسًا على الرز، فحينئذٍ الرز لم يثبت حكم التحريم فيه، وبالتالي نحتاج إلى إثبات الحكم في الأصل أولًا.
إذن الحكم حكم الأصل قد يكون ثابتًا بواسطة نصٍ، قد يكون ثابتًا بواسطة إجماعٍ، هل يمكن أن نثبت حكم الأصل بواسطة القياس؟
الصواب أنه لا يمكن، لماذا؟ لأن العلة في القياس الجديدة إن كانت مماثلةً للعلة في القياس الأول، فلنلحق الفرع بالأصل الأول، ولا حاجة لذكر هذا الأمر المتوسط.
وإن كانت العلة مغايرةً فحينئذٍ لا يجوز مثل هذا.
إذن الشرط الأول من شروط حجية القياس: عدم مصادمة دليلٍ.
الشرط الثاني: ثبوت حكم الأصل بواسطة النص أو بواسطة الإجماع.
الشرط الثالث: أن يكون حكم الأصل معللًا.
إذا لم يكن حكم الأصل معللًا فلا يجوز القياس عليه، مثال ذلك: ورد في الحديث الوضوء من لحم الإبل، لو جاءنا أحمد هزاع وقال: لحم الظبي يماثل لحم الإبل وبالتالي يجب الوضوء منه، تقبلون ولا ما تقبلون؟
{لا نقبل}
لماذا؟
{لأن حكم الوضوء من لحم الإبل لم يرد فيه تعليلٌ}
لا نعرف العلة فيه، جميع أحكام الشرع معللةٌ، لكن بعضها نعرفه فنقيس عليه، وبعضها لا نعرفه فلا نتمكن من القياس عليه.
وبالتالي نقول لا يصح قياس لحم الغزال أو لحم الظبي على لحم الإبل في انتقاض الوضوء به، لماذا؟ لأن حكم الأصل غير معللٍ، يعني غير معروف العلة عندنا، وبالتالي لا يصح أن نقيس عليه.
{هل إلحاق عمر بن الخطاب الإخوة الأشقاء بالإخوة الأم في المسألة اليمية أو }
المشتركة
{المشتركة أي نعم، هل يعتبر قياسًا، وهل توجد هنا علةٌ}
في الحقيقة هنا يمكن أن تقول إنه قياسٌ من جهة أنهم كلهم إخوةٌ، فاشتركوا، والقول الآخر يقول الإخوة الأم يرثون والإخوة الأشقاء يسقطون لاستكمال فروض المسألة، هو سار على القاعدة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أعطوا ذوي الحقوق حقوقهم، فما بقي فلأولى رجلٍ ذكر»، والآخر قال هؤلاء إخوةٌ وهؤلاء إخوةٌ فنلحقهم بهم ونجعلهم يشتركون فيما يأخذونه.
نأتي مثالًا آخر لو قال لنا قائلٌ القياس السابق، قلنا صلاة المغرب ثلاث ركعاتٍ، فنجعل صلاة الفجر مثلها، لماذا؟ لأنه غير معقول الأصل، ليس المغرب ثلاث ركعاتٍ، لا نعرف، بالتالي لا يصح أن نقيس عليه.
مثالٌ آخر: مسألة صلاة الوتر، الحنفية يقولون لابد أن تكون ثلاث ركعاتٍ، قال: لأن أقل الصلوات ركعتان، والجمهور يجيزون أن يكون الوتر ركعةً واحدةً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدةٍ»، ففي هذه الحال الآخرون يقولون: صلاة الوتر غير معقولةٍ المعنى، ما ندري لماذا جعلت ركعةً واحدةً، وبالتالي لا يصح أن نقيس عليها.
الشرط الرابع: أن يكون هناك علةٌ مناسبةٌ للحكم، موجودةٌ في الأصل وموجودةٌ في الفرع، أما إذا كان الوصف الذي يجمع به ليس من الأوصاف المناسبة، بل من الأوصاف الطردية التي لا مدخل لها في الحكم فحينئذٍ لا يصح أن نبني الحكم عليه.
مثال ذلك: من الأحكام الشرعية انتقاض الوضوء، ما علته: خروج البول والغائط مثلًا، فحينئذٍ نقول: أي خروجٍ للبول والغائط سواءً من مخرجه المعتاد أو من مخرجٍ آخر يعد ناقضًا من نواقض الوضوء.
هذا دليلٌ قياسيٌّ، أين الأصل؟ الخارج من السبيلين.
أين الفرع؟ بولٌ وغائطٌ خرج من بقية البدن، من غير السبيلين.
ما الحكم؟ انتقاض الوضوء به.
ما العلة؟ خروج البول أو الغائط من البدن.
وفي هذه الحال، هذا قياسٌ، لأنه معقول المعنى، يشتمل على معنًى مناسبٍ لتشريع الحكم.
مثال ذلك: مثلًا لما يأتينا فقيهٌ ويقيس الإجارة على البيع، فيقول تجوز الإجارة لأنها بيع منافع فجازت كالبيع، الأصل: البيع.
الفرع: الإجارة.
والحكم: الجواز.
ففي هذه الحال ما هي العلة؟
نقول مثلًا عينٌ متعلقةٌ بعينٍ تقبل انتقال أو انتقال منفعة العقد من محلٍ إلى آخر، فهنا العلة مشتملةٌ على معنى مناسبٍ لتشريع الحكم، وبالتالي صح بناء الأحكام عليها.
هناك أوصاف طرديةٌ لا مناسبة فيها، فبالتالي لا يجوز بناء الأحكام عليها، مثال ذلك: لما يأتينا بعض الناس ويقول هذا الحكم خاصٌّ بزمن النبوة، نقول لا، هذا وصفٌ طرديٌّ وبالتالي لا يصح تعليق الحكم عليه.
مثال آخر: لما يأتينا إنسانٌ ويقول في جواز الأكل من الغنم، العلة فيه أنه لحمٌ بريٌّ أو لحمٌ مشتهى، نقول الشهوة وعدم الشهوة هذا ليس وصفًا مناسبًا لتشريع الحكم، ولذلك هناك لحومٌ مشتهاةٌ لا يجيزها الشرع.
إذن عندنا الأوصاف، ثلاثة أنواعٍ:
أوصافٌ مناسبةٌ لتشريع الحكم، فهذه نثبت الحكم على وفقها، ونقيس عليها.
مثال ذلك: حكم القصاص، ما العلة فيه؟ قتل عمدٍ عدوانًا، كل ما وجد قتل عمدٍ عدوانًا، أثبتنا الحكم الذي هو القصاص، فهنا وصفٌ مناسبٌ لتشريع الحكم، وبالتالي جاز بناء الأحكام عليه.
مثال ذلك أيضًا: تشرع التسمية في الوضوء، فكذا الغسل أو التيمم، الأصل: الوضوء.
الحكم: مشروعية التسمية.
الفرع: الغسل أو التيمم.
لماذا شرعت التسمية؟ بجامع أنها كلها طهارةٌ، هذا وصفٌ مناسبٌ لتشريع الحكم فجاز بناء الأحكام عليه.
بينما هناك أوصاف طرديةٌ لا يصح بناء الأحكام عليها، مثلًا يأتينا إنسانٌ ويقول رجم النبي صلى الله عليه وسلم ماعزًا، وبالتالي كل من كان اسمه ماعزًا فإننا نرجمه، نقول التسمية هذه لا علاقة لها بالحكم، وبالتالي لا يصح إثبات الحكم على وفقها، لماذا؟ لأن هذا الوصف ليس معنى مناسبًا لتشريع الحكم.
إذن الأوصاف عندنا هناك أوصافٌ مناسبةٌ.
النوع الثاني: أوصافٌ غير مناسبةٍ لكنها تشتمل على المناسب.
ومن أمثلة ذلك: من منع من مشروبٍ معينٍ لوجود رائحة الخمر فيه، العلة في تحريم الخمر هي الإسكار، الرائحة هذا أمرٌ ملازمٌ، فعندما نجمع بين محلين فنثبت فيهما حكمًا بناءً على هذه الرائحة هذا يسمى هذا قياس دلالةٍ، وهذا الوصف طرديٌّ، لماذا؟ لأنه لم يعهد من الشارع بناء الحكم عليه.
إذن عندنا ثلاثة أنواعٍ من الأوصاف: أوصافٌ مناسبةٌ لتشريع الحكم، فنثبت الحكم على وفقها.
2- أوصاف غير مناسبةٍ لبناء الأحكام عليها، لكنها تستلزم أوصافًا مناسبة، مثال ذلك: الرائحة المصاحبة للإسكار، هذا ليست وصفًا مناسبًا للمنع، لكنها مشتملةٌ على المناسبة.
النوع الثالث من الأوصاف: الأوصاف الطردية، وهي التي لا يبنى عليها حكمٌ، لماذا؟ لأنها ليست أوصافًا مناسبةً ولا أوصافًا مستلزمةً للمناسبة.
مثال ذلك: لو قال لنا قائلٌ: إن مس المحراث أو الفأس لا ينقض الوضوء، فأقيس عليه الذكر، مسه لا ينقض الوضوء، قياسًا على المحراث، لماذا؟
قال كلاهما آلة حرثٍ، الفأس آلة حرثٍ في الأرض، والذكر آلة حرثٍ في النساء، أليس كذلك، فكلاهما آلة حرثٍ، نقول: هذا الوصف كونه آلة حرثٍ، لا علاقة له بالوضوء وعدم الوضوء، وبالتالي هذا القياس قياسٌ مبنيٌّ على وصفٍ شبهيٍّ، فلا يصح لنا بناء الحكم عليه.
مثالٌ آخر: لو قال لنا قائلٌ: إن وضع الخف على القدمين يجيز لنا المسح على الخفين، فبالتالي الجاكيت الضيق يجوز لي أن أمسح عليه قياسًا على الخفين، ماذا نقول؟
نقول أين الوصف المناسب هنا وهناك والذي يقتضي الإلحاق؟
قال: كلاهما ملبوسٌ، هذا ملبوس صفة لم يعهد من الشارع أنه يرتب عليها حكمًا.
مثال ذلك مثال آخر: في الوضوء، قال الخفان يجوز المسح عليهما، لأنها تغطية للقدم، فهكذا المناكير يجوز المسح عليها قياسًا على الخفاف، بجامع سترت محل الفرض، نقول هذا الوصف ستر محل الوصف ليس وصفًا مناسبًا لتشريع الحكم، بل هو من الأوصاف الطردية وبالتالي لا يصح بناء الحكم عليه.
مثالٌ آخر: اختلفوا في الخل هل يجوز أن يتوضأ به أو لا يجوز، الجمهور يقولون لا يجوز التوضؤ، التوضؤ بالماء فقط، بعض الحنفية أجاز الوضوء بالخل، ما دليلكم يا أيها الحنفية؟ قالوا: قياسيٌّ، من أين؟ قالوا: الخل لا تبنى عليه القناطر، ولا تجري فيه السفن، إذن الحنفية يقولون نتوضأ به، والجمهور يقولون لا يتوضأ به، دليل الجمهور، بعض الجمهور استدل بأدلةٍ، منها قوله: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُو﴾ [النساء: 43]، والخل ليس ماءً.
من أدلة الجمهور بعضهم قال: بأن الخل لا تبنى عليه القناطر، ولا تجري فيه السفن، فلا يصح الوضوء به قياسًا على الدهن.
أين الأصل؟
{الدهن}
أين الفرع؟ الخل.
ما الحكم؟ لا يجوز الوضوء به.
ما العلة؟ لا تبنى على جنسه القناطر، ولا تجري السفن فيه.
مناسبٌ هذا القياس؟، نقول لا، هذا قياسٌ غير مقبولٍ، لأن الجامع وصفٌ طرديٌّ غير مناسبٍ لتشريع الحكم، وما دخْل بناء القناطر بمسألة الوضوء، وما دخْل جريان السفن بمسألة الوضوء، هذه أوصافٌ طرديةٌ لا مدخل لها في الحكم، وبالتالي يكون هذا القياس غير مقبولٍ، لماذا؟ لأن الجمع بين الأصل والفرع في هذه المسائل إنما يجوز بأوصافٍ مناسبةٍ، وهذه الأوصاف التي ذكرت قبل قليلٍ أوصافٌ غير مناسبةٍ لتشريع الحكم.
كذلك من شروط القياس أن تكون العلة موجودةً في الفرع، لو قدر أن العلة غير موجودةٍ في الفرع، فحينئذٍ لا يصح القياس، مثال ذلك: قال: البر يجري فيه الربا لأنه مكيلٌ، فنقيس عليه البطيخ، ماشي، ليش، البطيخ ليس مما يكال ويباع بحجمه، إنما هو مما يوزن، أو معدودٌ يباع بالعدد، بالتالي لا يصح هذا القياس، لماذا؟ لأن العلة الجامعة ليست موجودةً في الفرع.
ولا بد من التساوي بين الوصفين، فإنه لو كان وجود الوصف في الأصل أقل لم يصح لنا أن نثبت الحكم في الفرع، مثال ذلك: لو جاءنا واحدٌ وقال ما حكم الدخول للمسجد بالرجل اليسرى، مكروهٌ، قال بما أنه مكروهٌ في غالب المساجد، فمن باب أولى أن يكون الدخول في الحرم أو في الكعبة بالرجل اليسرى حرامًا، لأنها أعلى درجةٍ من المسجد..
بارك الله لكم ووفقكم الله للخير، وجعلكم هداة مهتدين، هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك