الدرس التاسع

فضيلة الشيخ د. فهد بن سليمان الفهيد

إحصائية السلسلة

7271 18
الدرس التاسع

كتاب التوحيد 3

{بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أهلاً وسهلاً بكم أعزاءنا المشاهدين، في حلقة جديدة من برنامج (جادة المتعلم) نشرح فيها متن (كتاب التوحيد) للإمام المجدد الشيخ/ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- يشرحه لنا فضيلة الشيخ/ الدكتور فهد بن سليمان الفهيد، أهلاً وسهلاً بك فضيلة الشيخ}.
حياكم الله، وحيا الله الإخوة المستمعين والمشاهدين، ونسأل الله -جل وعلا- للجميع العلم النافع والعمل الصالح، والتوفيق لا يحبه الله ويرضاه.
{أحسن الله إليكم، وعلى بركة الله نبدأ}
نعم، تفضل إن شاء الله.
{بسم الله الرحمن الرحيم.
قال المؤلف -رحمنا الله تعالى وإياه-: (بَابُ التَّسَمِّي بِقَاضِي الْقُضَاةِ وَنَحْوِهِ.
في الصحيح: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ قال: «إِنَّ أَخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ: رَجُلٌ يُسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ، لَا مَالِكَ إِلَّا اللَّهُ». قال سُفْيَانُ: "مِثْلُ شَاهَانْ شَاه". وَفِي رِوَايَةٍ: «أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَخْبَثُهُ».
قَوْلُهُ: «أَخْنَعُ» يَعْنِي: أَوْضَعُ)
}.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أمَّا بعد، فيقول الشيخ الإمام العلامة المجدد/ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- في كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد: (بَابُ التَّسَمِّي بِقَاضِي الْقُضَاةِ وَنَحْوِهِ)، يعني: أنه ينهى عن هذه الأسماء، لِمَا فيها من العلو والاستكبار، أو المشابهة لأسماء الله -عز وجل- وصفاته، وأنَّ هذا النهي لتحقيق التوحيد، فالتسمي بهذه الأسماء يتنافى مع كمال التوحيد الواجب، وأنَّ المؤمن يجب عليه أن يتقيد في الألفاظ، وأنَّ أهل الشأن أيًا كان اختصاصهم، إذا جاؤوا يصفون رؤساءهم، أو يصف بعضهم بعضًا، فعليهم أن يتقيدوا في ألفاظهم بما لا يخالف الشريعة، وبما لا يقتضي المنازعة لله -عز وجل- ولو في الاسم، كأن يُسمى: (أحكم الحاكمين) أو يُسمى: (قَاضِي الْقُضَاةِ) أو يسمى: "(الرحمن) أو يسمى: (سلطان السلاطين) أو يسمى (الرزاق) أو (الخلاق) أو يسمى: (حاكم الحكام)؛ لأنَّ كل هذا منهي عنه، وكلها ألفاظ محرمة، وهي في الشريعة الإسلامية من كبائر الذنوب؛ لأنَّ الحديث الوارد عن النبي بَيَّنَ أنَّ الله -عز وجل- يُبغض التسمي بمثل هذه الأسماء، قال : «إِنَّ أَخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ: رَجُلٌ يُسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ، لَا مَالِكَ إِلَّا اللَّهُ»، «أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَخْبَثُهُ».
إذًا هذه من كبائر الذنوب، ولذا يجب الحذر من مثل هذه الأسماء وما شابهها؛ لأنها تعني: نقص التوحيد، وعدم المبالاة بتعظيم الله -سبحانه وتعالى-.
قال الشيخ: (وَنَحْوِهِ) يعني: ونحو (قاضي القضاة)، يعني: لا يجوز التسمي بهذه الأسماء، حتى وإن كانت باللغات الأخرى.
ولهذا قال سفيان -رحمه الله-: (مِثْلُ: شَاهَانْ شَاه)، وهي في لغة فارس تعني: (ملك الملوك).
وللأسف يتساهل بعض الناس في هذه الأسماء، ويظن أنها مجرد أسماء وظيفية، فنقول: لا، حتى الأسماء الوظيفية، وحتى الأسماء التي تُطلق ولا يُقصد منها المعنى؛ فإنه يُنهى عنها إذا كانت بهذه المنزلة، فإطلاقها في غير محله، وألحق بها العلماء اسم: (قَاضِي الْقُضَاةِ)؛ فإنه يشبه هذا، فإنَّ الذي يقضي بين الخلائق هو الله -سبحانه وتعالى-.
لكن قال العلماء: التقييد مثل: "قاضي قضاة مصر" أو "رئيس القضاة" أو "مرجع القضاة" أو "الرئيس" أو نحو ذلك من العبارات.
قال: (في الصحيح: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) يعني: في البخاري ومسلم، (عَنِ النَّبِيِّ قال: «إِنَّ أَخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ») وأخنع يعني: أوضع وأذل.
إذًا هذه الأسماء التي يسمى بها المخلوق، قد تمون مما يحبه الله -عز وجل-، وقد تكون مما يبغضه سبحانه، فإذا كانت هذه الأسماء فيها نقص أو إخلالٌ بالتوحيد، فإنَّ الله -عز وجل- يُبغضها، ويجعلها وضيعة وذليلة ومبغوضة إليه سبحانه.
وهناك أسماء محبوبة إلى الله، إذا سمي بها العبد، وهي التي فيها التواضع لله -عز وجل-، كما جاء عنه أنه قال: «أحبُّ الأسماءِ إلى اللهِ: عبدُ اللهِ وعبدُ الرحمنِ»[1]، فأطلق عليها أحب الأسماء إلى الله، فقارن بين هذا، وبين قوله : «إِنَّ أَخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ: رَجُلٌ يُسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ، لَا مَالِكَ إِلَّا اللَّهُ».
وفي هذا الحديث بيان التفاوت في الأسماء، ولهذا ينبغي أن يسمى الأولاد، وتسمى الأمور بالأسماء الحسنة الطيبة، التي لا تتعارض مع الشريعة، ولا تتعارض مع العقيدة، فإنَّ الأسماء التي تتعارض مع العقيدة محرمة وباطلة ويجب تغييرها، ولذا ثبت في السنة أنَّ النبي غَيَّرَ اسم عدد من الصحابة، مثل: "عبد الكعبة" ونحوها، فغير أسماءهم لتكون موافقة للتوحيد.
وبهذا نعرف أنَّ بعض المسلمين الجدد، إذا أسلموا، وكانت أسماؤهم قبل الإسلام فيها شرك، أو عبودية لغير الله، فإنه يجب تغييرها لأجل ذلك، وأمَّا إذا كانت الأسماء مباحة، فلا يجب تغييرها حينئذ.
قوله: «إِنَّ أَخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ» يعني: أوضعه وأخبثه، عند الله -سبحانه وتعالى- «رَجُلٌ يُسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ، لَا مَالِكَ إِلَّا اللَّهُ»، من الذي يسمي نفسه ملك الأملاك؟
غالبًا يطلق هذا على أحد وجهين:
الأول: أن يكون بالفعل ملكًا، وعنده ممالك، وتحته مناطق يرأسها وترجع إليه، وعين مُلوكا أو أمراء، فيرجعون إليه، فيسمي نفسه أو يطلق هذا الاسم على نفسه، وهذا فيه عظمة وتعاظم، ولهذا عوقب بِشَرِّ عقوبة، وبنقيض قصده، فهو أراد العلو في الأرض؛ فأصبح وضيعًا عند الله -سبحانه وتعالى- بسبب الكبر الذي جاء في تسميته، ورضاه هو بهذه التسمية، «مَلِكَ الْأَمْلَاكِ، لَا مَالِكَ إِلَّا اللَّهُ».
الثاني: وقد يُطلق أيضًا هذا على بعض الأولاد إذا ولدوا، فقد يسميهم بعض الآباء الجهلة، بألقاب فيها مثل هذه الأمور، فهناك من يولد له فيسمي الولد باسم، ثم يصفه بوصف أيضًا، وهذا موجود عند بعض الناس وفي بعض المناطق، فلا يجوز مثل هذا أبدًا.
قال: (وَفِي رِوَايَةٍ: «أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ») يعني: أخبثه، وهذا يُبين أن الله -عز وجل- يبغضه ولا يرضاه، والواجب على المسلم أن يحذر كل الحذر مما يغضب الله -سبحانه وتعالى-.
«أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَخْبَثُهُ» أي أنَّ هذا يكون يوم القيامة، فيظهر هذا الغيظ عليه ولا شك، أنَّ الله إذا غضب عليه كان هذا بسبب هذا الاسم، فإنه يعاقب يوم القيامة؛ لأنه قال: «أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، فيكون يوم القيامة في أشد ما يكون من الذل، والوضاعة، والعذاب، والنكال، بسبب ما كان في الدنيا يتزين به ويتظاهر، وهو ليس بأهل لذلك.
ولهذا فقد حذر السلف الصالح، قال سُفْيَانُ: («مِثْلُ: شَاهَانْ شَاه») يعني: يحذر من هذا الاسم، حتى لو كان باللغات المختلفة، كاللغة التي عند العجم.
هذا ما يتعلق بالحديث، ولذلك أورد الشيخ هذا الباب في (كتاب التوحيد) حماية لجناب التوحيد، وحرصًا على السلامة في جميع الألفاظ والتسميات التي تطلق، من قِبَل الناس تجاه غيرهم.
قال الشيخ في المسائل:
(الثَّالِثَةُ: التَّفَطُّنُ لِلتَّغْلِيظِ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ الْقَلْبَ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَاهُ)، وهذه الفائدة جميلة ومفيدة جدًا.
(التَّفَطُّنُ لِلتَّغْلِيظِ فِي هَذَا وَنَحْوِه)، أغلب الناس الآن إذا قلت: سأذهب لفلان -صاحب المنصب الفلاني- ويسمونه باسمه، أو بمنصبه، فمثلا لو كان هذا الاسم موجودًا قال: أنا ذاهب لقاضي القضاة، أو ملك الملوك، أو غير ذلك، فتجد أنَّ البعض يستخدم هذا اللفظ، وهو لا يُقصدُ في المعنى، وإنما يراد الشخص، وهذا كثير، وأغلب الناس لا ينتبه للمعنى؛ فيأخذ الاسم ويقول: أنا ذاهب إلى كذا، وأتيت من عند كذا، فجاء التغليظ الشديد فيه مع أنه لم يقصد المعني، بل مجرد التسمية والعلمية فقطن وليست الأمور المعنوية، أي أنَّ الأمور المعنوية ليست مقصودة عند الناس في الغالب، ولكن مع ذلك جاء في هذا التغليظ الشديد.
إذًا، لا يعتذر إنسان ويقول: والله لا أقصد هذا المعنى، وهذا عرف عندنا، هذا اصطلاح مشى عليه الآباء والأجداد. نقول: لا يجوز إقراره، ولا الرضا به.
ولهذا كان من توفيق الله -عز وجل- لحكامنا، نسأل الله -جل وعلا- أن يَجزيهم عنا خير الجزاء، لأنَّ الحاكم ومن يتولى الأمر يلقب نفسه بخادم الحرمين الشريفين، وهذا شرف وأيما شرف، وتواضع يرفعه الله -عز وجل- به، كما جاء في الحديث: «وما تواضعَ أحدٌ للَّهِ إلَّا رفعَهُ»[2]، فنسأل الله -جل وعلا- أن يوفقهم، وأن يحفظهم، وأن يجزيهم عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
والمقصود أننا نحذر كل الحذر من إطلاق الألقاب التي فيها غلو، وفيها مُنازعة الله -عز وجل-، وفيها ما يفهم منه هذه الألفاظ التي حذر منها النبي ، مثل: "ملك الملوك، أو "مالك الملوك"، أو نحو ذلك.
ولعل من أشد هذا وأخبثه من يُسمي نفسه: "عبد فلان"، فمثلا يقول: عبد البدوي، أو عبد القادر الجيلاني، أو عبد زينب، أو عبد الحسين، أو عبد علي، أو عبد محمد ، وهذا أشد؛ لأنَّ الذي يجب أن يُعبد وأن تُعَبَّدَ له الأسماء هو الله -سبحانه وتعالى، ولهذا كان تغيير الاسم حتمًا -كما جاء في هذا الحديث-؛ لأجل الله -سبحانه وتعالى-.
لماذا صار «مَلِكَ الْأَمْلَاكِ» اسمًا محرمًا؟ ولماذا «أَخْنَعَ» أغيظ اسم عند الله؟
لأنَّ فيه منازعة لله. فتغييره لماذا؟ تعظيمًا لله -عز وجل-.
وكذلك إذا سمى نفسه: "عبد محمد" أو "عبد الحسين"، فهذا فيه مُنازعة لله، فالذي يُعبد هو الله وحده لا شريك له.
{قال المؤلف -رحمنا الله وإياه-: (بَابُ احْتِرَامِ أسْمَاءِ اللَّهِ تعالى وَتَغْييرِ الاسْمِ لِأَجْلِ ذَلِكَ.
عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ -رضي الله عنه- أَنَّهُ كَانَ يُكَنَى أَبَا الْحَكَمِ، فَقال لَهُ النَّبِيُّ : «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ، وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ»، فَقال: إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي، فَحَكَمْتُ بَيْنَهُم، فَرَضِي كِلا الْفَرِيقَيْنِ، فَقال: «مَا أَحْسَنَ هَذَا! فَمَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟»، قلت: شُرَيْحٌ، وَمُسْلِمٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ. قال: «فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟» قلت: شُرَيْحٌ، قال: «فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرهُ)
}.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: (بَابُ احْتِرَامِ أسْمَاءِ اللَّهِ تعالى وَتَغْييرِ الاسْمِ لِأَجْلِ ذَلِكَ)، وأورد في هذا حديث أبي شريح -رضي الله عنه- الذي رواه أبو داود وغيره، والمقصود بهذا الباب: وجوب احترام أسماء الله -جل وعلا-، فأسماء الله حسنى، وأسماء الله يجب تعظيمها؛ لأنها أسماؤه -سبحانه وتعالى- فلا يجوز امتهانها، ولا الهزل بشيء منها، ولا احتقارها، ولا تسمية غير الله بالأسماء المختصة بالله -جل وعلا-، فالأسماء المختصة بالله لا يجوز أن يُسَمَّى بها غيره، وكذلك الأسماء التي ليست مختصة، ولكن لُمِحَ فيها وقصد فيها المعنى، فإذا قصد فيها المعنى، فإنها تغير لأجل ذلك.
وكل الوارد في السنة من احترام أسماء الله، ومن تحريم بعض التسميات، يبين لك أنَّ هذه الشريعة كاملة، وقد اشتملت على وجوب الأدب الكامل مع الله -سبحانه وتعالى-، فالمسلم الذي يوحد الله ويعظمه ويعبده، عليه أن يتأدب مع أسماء الله الحسنى، وصفاته العلى، ولا يصدر منه أي شيء فيه احتقار لها، أو ازدراء، أو استهزاء، والعياذ بالله.
وكذا لا يقول شيئًا عن الله -عز وجل-، ولا يضيف إلى الله قولا باسم أو بصفة أو بفعل إلا بعد أن يتأكد من ثبوته بالكتاب والسنة، فلا يقول على الله ما لا يعلم، ولا يضيف إلى الله اسم لم يسم الله -عز وجل- به نفسه، ولا يسمِّ الله -عز وجل- إلا بما سمى به نفسه، أو سماه به رسوله ، وكذلك في الصفات والأفعال.
وأيضًا في نفس المقام لا يسمِّ أحدًا من الناس، لا أولاده، ولا غيرهم بالأسماء التي اختص الله بها نفسه، بل يغير الاسم لأجل ذلك.
وهناك أسماء اختص الله بها، وهناك أسماء جاء إطلاقها على الله، ويبين هذا يعني التفصيل الآتي.
فمثلا: لفظ الجلالة الله، وكذلك الرحمن، وكذلك الخلاق، هذه أسماء مختصة بالله -سبحانه وتعالى-، ولا يسمى بها غيره، وكذلك الرحمن ونحوها، وهناك أسماء جاء في الشرع إطلاقها على المخلوق أيضًا، ﴿قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ﴾ ، وهذا عزيز مصر، وليس العزيز كالعزيز، فإذا أُطلق العزيز أريد به اسم الله -سبحانه وتعالى- صار مُشتملاً على الكمال المطلق في الاسم والوصف والفعل.
وأمَّا إذا أطلق على المخلوق فله ما يناسبه، مع علمنا بنقص المخلوق وعجزه، وأنه مسبوق بعدم، ويلحقه زوال وفناء، بخلاف الخالق -جل جلاله.
ولهذا لا يجعل -حتى في الأسماء المشتركة- لا يجعل ما يُوصف به المخلوق مماثلاً لِمَا يوصف به الخالق أبدًا، فليس لله ند، ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ ، ﴿فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأمْثَالَ﴾ ، ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا﴾ ، ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ ونحو ذلك مما يبينه الله -عز وجل- أن جميع المخلوقين ليسوا مثل الله، فكلهم فيهم نقص، وفيهم عجز، وفيهم فقر، وهم مسبوقون بعدم، ويلحقهم فناء، فليسوا مثل الله -عز وجل-.
وحتى في الصفات التي أضيفت إليهم مما أضيف إلى الله ما هو مثله، من جهة اللفظ، وأصل المعنى، ولكن الله -عز وجل- له الكمال المطلق، وأمَّا المخلوق فله ما يناسبه من ذلك.
مثال آخر: السميع والبصير من أسماء الله -عز وجل، وقد جاء في القرآن: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [الإنسان:2]، وكذلك "الملك" من أسماء الله الحسنى، وقال تعالى في سورة الكهف: ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ [الكهف:79]، وقس على هذا، فليس الملك كالملك، ولا السميع كالسميع، ولا البصير كالبصير وهكذا، فليس لله ند، ولا مثيل، ولا يقاس بخلقه، وما وصف به المخلوق أو سمي به المخلوق، فهو مناسب للمخلوق، والمخلوق عاجز ناقص، مسبوق بعدم وحتى الصفة التي اتصف بها، فليست صفة الكمال المطلق، وأمَّا الخالق فله الكمال المطلق -جل وعلا-.
إذًا الشرع الإسلامي جاء فيه وجوب التأدب مع الله -سبحانه وتعالى- وتعظيمه، وهذا يقتضي الإيمان بأسمائه، ويتضمن الرد على المعطلة من الجهمية وفروعها، ومن تفرع من الجهمية كالمعتزلة، والأشاعرة، فهم غلطوا أغلاطًا شنيعة جدًا في هذا المقام، أي في مقام "الإيمان بالأسماء والصفات، وأفعال الرب تعالى"، ومنهم من حَرَّفَ بعض ما ورد، ولم يثبت الصفات، ومنهم من لم يثبت بعض الصفات، ومنهم من نفى الأسماء والصفات بحجة دفع التشبيه، وهي حجة غير صحيحة، ولا يجوز لنا أن نرد ما قاله الله، وما قاله الرسول ، وما وصف الله به نفسه، ووصفه به رسوله لمثل هذا.
بل نؤمن بما أخبرنا الله -عز وجل- به من أسمائه وصفاته وأفعاله، مع اعتقادنا وإيماننا القاطع بأنه -جل وعلا- لا مثيل له، ولا شريك له، ولا ندَّ له، ولا يقاس بخلقه، ولا تكيفه العقول، ولا تتخيله الأذهان، فالله -عز وجل- فوق ظن الظانين أكمل وأعلى، ولله المثل الأعلى.
ومن أعظم المحرمات: القول على الله بغير علم، قال تعالى: ﴿وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:169]، وبسط هذه المسألة في مواضعها عند الحديث عن موضوع الأسماء والصفات، ولكن هذا يُبين لنا أنَّ الشيخ -رحمه الله- في الكتاب قد جمع في مسائل التوحيد ما يوجب على الموحد من التأدب مع أسماء الله -عز وجل-، ومن التأدب الإقرار بها، والإيمان بها، وعدم تعطيلها، وعدم إنكارها.
وتغيير الاسم لأجل ذلك، يعني: لأجل أنه إذا كان اسمًا مختصًا بالله، أو كان الاسم نظر فيه ولمح فيه وقصد فيه المعنى؛ فحينئذ يُغير عَمَلاً بهذا الحديث.
قال: (عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ) وأبو شريح هذا من الصحابة الذين أسلموا يوم الفتح.
قال: (أَنَّهُ كَانَ يُكَنَى أَبَا الْحَكَمِ)، والكنية هي ما صُدِّرَ بأبٍ أو أمٍ، واللقب هو الوصف، فمثلا إذا قيل عن رجل: فلان الكريم، فكلمة الكريم لقب، أو فلان الطويل، أو فلان كذا، هذا لقب، وقد يكون اللقب بأوصاف المهنة، مثل: العسال، أو الحداد، أو النجار، هذه كلها ألقاب، ولكن الكنية هي ما صُدِّر بأبٍ أو أمٍ، أبو فلان، أو أم فلانة، أو أم فلان وهكذا.
قال: (أَنَّهُ كَانَ يُكَنَى أَبَا الْحَكَمِ، فَقال لَهُ النَّبِيُّ : «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ، وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ»)، يعني: أنَّ هذا من أسماء الله -عز وجل-.
لماذا سمي أبو شريح بأبي الحكم؟
قال: (إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي، فَحَكَمْتُ بَيْنَهُم، فَرَضِي كِلا الْفَرِيقَيْنِ)، إذًا سمي أبو شريح بهذه الكنية؟ لأنَّ له مكان للحكم عند قومه، وقومه من كندة، وكانوا يأتون إليه إذا اختلفوا وتنازعوا، فكان أبو الحكم يفصل بينهم، والحكم كله عنده.
إذًا قوله: (إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي، فَحَكَمْتُ بَيْنَهُم) هذه هي العلة، وهذا هو السبب في تسميته بهذه الكنية، إذًا هنا صارت كنيته فيها اسم من أسماء الله، وهو "الحكم"، فالله -عز وجل- يحكم بين عباده، وهو يقول: أنا أبو الحكم، وهنا لُمِحَ المعنى. ما هو المعنى؟
أنه يحكم بين هؤلاء، ويرضون بحكمه، فصار محلا للرضى، فهو أبو الحكم، وبالتالي ظهر إشكال هنا، وصار في ذلك نوع منازعة في الاسم ولو لم تقصد.
فهذا الشيء صار فيه أمران، الأول: كنيته، والثاني تصرفه، فالتصرف لأجله سمي بهذه الكنية، فالنبي فَصَّلَ وَبَيَّنَ فقال : «مَا أَحْسَنَ هَذَا!» والمراد الإصلاح بين الناس، أي أنّ الإصلاح بين أفراد قومك أمر حسن، وهذا ليس فيه أنه يحكم بأحكام مخالفة للشريعة، وإنما هو يأمر هذا بالتنازل، أو يأمر هذا أن يزيد قليلا، أو ينقص قليلاً، حتى يصطلح الفريقان، فرضي كلا الفريقين. فقال النبي : «مَا أَحْسَنَ هَذَا!»؛ لأنَّ الإصلاح أهون وأفضل حتى من الحكم؛ لأن الحكم قد يكون شديدًا على أحد الطرفين، بينما الإصلاح يخرج كلا الطرفين راضيًا، قال الله -عز وجل-: ﴿لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء:114]، وقال -عز وجل-: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ .
فقال له النبي : («فَمَالَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟»، قلت: شُرَيْحٌ، وَمُسْلِمٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ)، أي: عنده ثلاثة أولاد، وليس فيهم أحد اسمه الحكم. إذًا هذا الوصف جاءه؛ لأجل هذه الوظيفة، أو لأجل هذا العمل الشريف.
قال: (قال: «فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟» قلت: شُرَيْحٌ، قال: «فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ»)، وهذا يبين وجوب احترام أسماء الله؛ لأنَّ النبي قال: لا تطلق على نفسك أبا الحكم وإنما أنت أبو شريح، وهنا نلحظ أنَّ النبي غير له الكنية، إذًا أنت يا أبا شريح، من اليوم فصاعدًا لا تقبل أن يسميك أحدًا "أبا الحكم"! لماذا كل هذا؟ احترامًا لاسم الله -عز وجل-.
وأيضا أكبر الأولاد هو الذي يكنى به الرجل، ويجوز أن يكنى بغيره، ولكن هذا الأفضل؛ لأنه سأل «فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟» قال: (شُرَيْحٌ)، قال: «فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ».
وفي هذا أيضًا فضل الإصلاح بين الناس؛ لأن الرسول قال: «مَا أَحْسَنَ هَذَا!»، وبالفعل تجد أن الإصلاح بين الناس عظيم، بل حتى المصلح يشعر بسعادة، والفريقان ترجع الأمور بينهما إلى مجاريها، وتصلح نفوسهم، وتزول الأحقاد التي بينهم.
والإصلاح بين الناس قد أمرت به الشريعة، بل مما جاء في الشريعة أنه رُخِّصَ في الكذب؛ لأجل الإصلاح بين الناس.
والحكم كما سبق قد يكون فيه صعوبة على المحكوم عليه، وقد يجد حزازة في نفسه، وأمَّا الإصلاح فيخرج هذا مع هذا متصالحين، فهذا ولا شك أنه أفضل.
قال: «فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ»، ونستفيد من هذا الحديث أيضًا أنَّ اسم الحكم، أو أبو الحَكَم أو الحُكم أو نحو ذلك، أو أبو القضاء، لا يطلق على الإنسان، ولا يطلقه على نفسه، ولا يطلقه الناس عليه تأدبًا مع الله، فإنَّ الذي يقضي بين الخلائق، والذي له الحكم، هو الله -سبحانه وتعالى-.
هل اسم الحكم بدون "أبو" أو إذا كان الرجل عنده ولد اسمه الحكم، وصارت كنيته: أبا الحكم. ما حكمه؟
أقول والله أعلم، هذا جائز ولا حرج فيه؛ لأنه لم يقصد المعنى الذي سبق في الحديث، وهو الحكم بين الناس، ولهذا في أصحاب النبي من اسمه الحكم، وهو: الحكم بن عمرو الغفاري، وأيضًا حكيم بن حزام -رضي الله عنه- ونحو ذلك من الأسماء، فهذه يقصد بها العلمية المحضة، مجرد التسمية، ولا يقصد منها المعنى الآخر، وبالتالي لم يغير النبي أسماء هؤلاء الصحابة، وهذا هو الجمع بين هذا الحديث وبين إقراره . لأسماء عدد من أصحابه -رضي الله عنهم.
{أحسن الله إليكم. هل اسم الحكم فيه كراهة؟}
لا يُكره اسم الحكم؛ لأنَّ النبي لم يأمر الصحابة بتغيير هذا الاسم، حكيم، وحكم، ونحو ذلك، وإنما إذا قُصِدَ بالاسم الصفة، وصار يتولى هذا، كما فعل أبو شريح؛ فإنه الاسم يغير، والله تعالى أعلم.
{قال المؤلف -رحمنا الله وإياه-: (بَابُ مَنْ هَزَلَ بِشَيْءٍ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ أَوِ الْقُرْآنِ أَوِ الرَسُولِ.
وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَي: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾ [التوبة:65].
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَمُحَمَّدٍ بنِ كَعْبٍ، وَزَيْدٍ بنِ أَسْلَمَ، وَقَتَادَةَ -دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ: أَنَّهُ قال رَجُلٌ فِي غَزْوَةِ تَبُوك: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قُرَّائِنا هَؤُلَاءِ؛ أَرْغَبَ بُطُوناً، وَلَا أَكْذَبَ أَلْسُناً، وَلَا أَجْبَنَ عِنْدَ اللِّقَاءِ -يَعْنِي رَسُولَ اللَّه وَأَصْحَابَهُ الْقُرّاءَ-، فقال لَهُ عَوْفُ بنُ مَالِكٍ: كَذَبْتَ؛ وَلَكِنَّكَ مُنَافِقٌ، لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّه . فَذَهَبَ عَوْفٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ لِيُخْبِرَهُ، فَوَجَدَ الْقُرْآن قَدْ سَبَقَهُ.
فَجَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَقَدِ ارْتَحَلَ وَرَكِبَ نَاقَتَهُ، فَقال: يا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَتَحَدَّثُ حَدِيثَ الرَّكْبِ؛ نَقْطَعُ بِهِ عَنَّا الطَّرِيقَ.
فَقال: ابْنُ عُمَرَ: كَأَنَّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ؛ مُتَعَلِّقاً بِنَسْـعَةِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّه ، وَإِنَّ الْحِجَارَةَ تَنْكِبُ رِجْلَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ: «﴿إِنَّمَا كُنّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ﴾ ، فَيَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّه : ﴿أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ﴾ ، مَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ، وَمَا يَزِيدُهُ عَلَيْهِ»)
}.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: (بَابُ مَنْ هَزَلَ بِشَيْءٍ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ أَوِ الْقُرْآنِ أَوِ الرَسُولِ ). نسأل الله العافية والسلامة.
عقد المصنف هذا الباب؛ ليبين أن الاستهزاء بالدين، أو بالقرآن، أو بالإسلام، أو بشعائر الإسلام، أو الاستهزاء بالرسول ، كفر مخرج من الملة، وردة عن الإسلام؛ وذلك لأنَّ هذا ينافي التوحيد بالكلية، وليس منافيًا لكمال التوحيد، بل هو منافٍ لأصل التوحيد، ومنافٍ لأصل الإيمان، ومخرج لمن فعله عن الملة الإسلامية.
والاستهزاء هو اتخاذ الشيء هُزوًا، وَهَزَلَ أيضًا، وكذلك سخرية، وكذلك استهانة مقصودة. وهذا كله يعد من الاستهزاء، والاستهزاء يكون في أفعال العبد، أو أقواله، وقد يكون حتى بالإشارة، فقد يشير بعلامة تدل على أنه مستهزئ بالرسول ، أو بالقرآن، وهذا كله -والعياذ بالله- من الردة عن الإسلام.
والشرع حكم على المستهزئ بالردة، بغض النظر عمَّا في قلبه، ولا شك أنَّ قلبه فيه استهانة، ولكن حكم عليه بمجرد الفعل، وهو الاستهزاء، وهذا فيه ردٌّ على المرجئة الذين يجعلون كل المكفرات الموجبة للخروج عن الملة مربوطة بتكذيب القلب فقط، فالشرع رتب أحكامًا على أفعال وعلى أقوال، فالكفر يكون بالقلب، ويكون بالقول، ويكون بالفعل أيضاً، ومن الكفر بالفعل السجود لغير الله -عز وجل، وكذلك السجود للأصنام، والسجود للشمس والقمر.
ومن الكفر بالقول: الاستغاثة بالأموات، والجن، والملائكة، ودعاء وطلب الحاجات منهم، وكذلك من الكفر بالقول: الاستهزاء بالرسول بالقول، أو الاستهزاء بالقرآن في القول، وهذا كفر مخرج من الملة. ولا ينبغي أن نقول له: ماذا في قلبك حتى يحكم عليه؟ بل يحكم عليه بالكفر إلا لو كان مجنونًا أو فاقدًا للعقل، أو فاقدًا للأهلية، فمثل هذا ينظر القاضي فيه وأمثاله.
لكن إذا علمنا أنَّ الرجل ليس بمجنون، وليس بفاقد للعقل، ومعه عقله، ويعرف ما يقول، فهذا ما يحتاج إلى أن نقول: ماذا في قلبك؟
قال: (بَابُ مَنْ هَزَلَ بِشَيْءٍ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ أَوِ الْقُرْآنِ أَوِ الرَسُولِ) أي: هزل بالقرآن أو ببعض آياته، أو ببعض الأذكار الشرعية، استهزأ بها، أو القرآن أو الرسول .
قال: (وقول الله تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ﴾ [التوبة:65])، هذه الآية في سورة التوبة، وقد قال الله -عز وجل- قبلها: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ ۚ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ [التوبة:64-66]، والشيخ -رحمه الله- أتى بحديث، هو سبب نزول هذه الآية الكريمة، وأسباب النزول يعرف منها التفسير، ويفهم منها النص، ويعرف منها المعنى، فهذا الحديث من أسباب النزول.
لماذا المستهزئ كافر وخارج من ملة الإسلام باستهزائه؟
لأنَّ هذا استخفاف بعظمة الله -عز وجل-، وينافي تعظيمه -جل وعلا-، ولهذا يجب علينا أن نقيد ألسنتنا، وأن نحفظها من كل ما يخدش ويؤثر، قال الرسول : «إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ لا يلقي لها بالاً»، أي: هو يضحك مع مجموعة يضحكون، وهم في أنس فيما يظنون، «لا يُلْقِي لها بالًا يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ أبعد مما بين المشرق والمغرب» ما شاء الله، كلمة واحدة «لا يُلْقِي لها بالًا».
فالواجب كل مسلم أن يحذر كل الحذر، وألا يشابه أعداء الله الذين يستهزئون بدين الله -عز وجل- من الكفار والمنافقين.
ومعروف أنَّ الاستهزاء بالدين يقع من الكفار كثيرًا، ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا﴾ [المائدة:58]، فشأن أهل الكتاب والمشركين يستهزئون، وكذلك يستهزئون بالرسول ، ويلقبونه بألقاب منفرة، حتى إنهم يقولون عنه: مذممًا، ويقولون عنه: صابئًا، ويقولون عنه: كاهنًا، ويقولون عنه: ساحرًا، فهذا فعل أعداء الله الكفرة، ويتضاحكون، وفي البخاري ومسلم، أنَّ النبي كان يصلي عند الكعبة قبل الهجرة، فقال بعض كفار قريش وهم في ناديهم يتضاحكون ويتحدثون: "أَيُّكُمْ يَقُومُ إلى سَلَا جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ" ذُبحت ناقة، وسلا الجزور هي الفرث التي تلقى في القمامة، مما يخرج من بطن وأمعاء، فقال أشقى القوم: "أنا آتي به"، فأتى به فوضعه على ظهره وهو ساجد، فأخذ القوم يتضاحكون. يقول ابن مسعود راوي الحديث: يميل بعضهم على بعض، وكان ابن مسعود في ذلك الوقت ما يقدر أن يفعل شيئًا؛ لأنَّ الإسلام كان في غربة شديدة، «بَدَأَ الإسْلَامُ غَرِيبًا»[3]، فلما قضى النبي صلاته؛ رفع يديه، ودعا عليهم، فخافوا خوفًا شديدًا.
يقول ابن مسعود: «لقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ سَمَّى صَرْعَى يَومَ بَدْرٍ، ثُمَّ سُحِبُوا إلى القَلِيبِ، - قَلِيبِ بَدْرٍ»[4]، نفس هؤلاء، والشاهد أنهم كانوا يستهزئون ويتضاحكون، فكيف بمسلم يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ويصلي ثم يفعل فعلهم! حتى لو قال: أنا صادق أو أنا كذا وكذا. استهزاؤك هذا إخراج لك عن الملة، أنت تخرج نفسك عن الإسلام، فانتبه واحفظ لسانك، وعندك ما يضحكك وأشياء أخرى مُباحة، أما وجدت شيئا يضحكك أو يضحك قومك وجلساؤك إلا دين الله -عز وجل- والقرآن.
نسأل الله العافية والسلامة
ولهذا يجب على الجلساء أن ينكر بعضهم على بعض، وإذا صدر منهم ما صدر من هذه الأمور، أن يتوبوا إلى الله توبة صادقة، وأن يرجعوا إلى الإسلام؛ لأنه بالاستهزاء بالدين يخرجون من الملة، والنبي يقول: «الجَنَّةُ أقْرَبُ إلى أحَدِكُمْ مِن شِراكِ نَعْلِهِ، والنَّارُ مِثْلُ ذلكَ»[5]. لسانك الآن أقرب إليك، يدخلك النار أو يدخلك الجنة، بحسب ما تقوم من أعمال.
قال -رحمه الله-: (وقول الله تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ﴾ ) هؤلاء يستهزئون ثم يعتذرون، إذا سئلوا لماذا استهزأتم؟ ألا تخافون الله؟ ألا تتقون الله؟ قالوا: عندنا عذر، ما هو؟ الطريق طويل، نحن في سفر وأصابنا الملل والسآمة، فأردنا أن نتوسع في الحديث ونقطع عناء الطريق، فجاء الرد من الله -عز وجل-: ﴿قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ إذًا الآية أثبتت أنّ هؤلاء وإن قيل هك منافقون إلا أنَّ فيهم نفرًا كانوا مؤمنين، ولكنهم نافقوا بعد، أو كان عندهم نفاق لم يخرجهم من الملة؛ لأنه سبحانه وتعالى قال: ﴿قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ ، فأثبت لهم ماذا؟ أثبت لهم إيمان، وأثبت كفرهم بعد هذه الآية. نسأل الله العافية والسلامة.
قال: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَمُحَمَّدٍ بنِ كَعْبٍ، وَزَيْدٍ بنِ أَسْلَمَ، وَقَتَادَةَ) كم صحابي هنا؟
أربعة، كلهم حدثوا بحديث هؤلاء، وذكروا سبب النزول.
قال: (دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ) ما معنى هذا؟ يعني: أن بعض المحدثين أخذوا روايات أربعة أو خمسة ثم جمعها وخرجها في سياق واحد، وحتى لا يقع في الغلط يقول: (دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ).
قال: (قال رَجُلٌ فِي غَزْوَةِ تَبُوك) غزوة تبوك كانت في السنة التاسعة، أي: في آخر حياة النبي . قال: (مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قُرَّائِنا هَؤُلَاءِ) كلمة القراء كانت تُطلق في زمن النبي ، وفي زمن الصحابة، على يقرأ من القرآن ويعمل ويعلم به، يعني كانوا إذا قرءوا القرآن يتعلمون الإيمان، ويتعلمون العلم، ويتعلمون القرآن، فهم يتعلمون ويعملون، فهم أهل علم وعمل. فإذا قيل القراء، أو يا معشر القراء، أو نحو ذلك، فهم الذين يقرءون ويتعلمون ويعملون. من المقصود هنا؟
المقصود: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وخيار الصحابة، فخيار الصحابة هم المقصودون، ومعهم الرسول ، فهو إمامهم، وقدوة الجميع .
(مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قُرَّائِنا هَؤُلَاءِ) وصفه ثلاث أوصاف؟
(أَرْغَبَ بُطُوناً، وَلَا أَكْذَبَ أَلْسُناً، وَلَا أَجْبَنَ عِنْدَ اللِّقَاءِ)، وأخطرها الوسطى، وهي: (وَلَا أَكْذَبَ أَلْسُناً) يعني يصفون القراء بالكذب، وهم أصدق الناس -رضي الله عنهم.
(أَرْغَبَ بُطُوناً) ما معناها؟
أي: يأكلون كثيرًا إذا ما جاء الأكل، وهذا يدل على أنه حتى في الزمن القديم كانت كثرة الأكل محل ذم، ولذلك في المثل: "البطنة تُذهِبُ الْفِطنَة" ونحو ذلك، فهم يقولون: أهل الدنيا طماعين في الدنيا، وشغفهم بالدنيا، أنهم يأكلون كثيرًا، وما يكتفون بالزاد القليل، والواقع أنَّ الصحابة كانوا على خلاف هذا، فهم كانوا قليلي الأكل -رضي الله عنهم-، وتعلمون قصة أبي هريرة لَمَّا خرج كان يسقط من الجوع، ويوم الأحزاب كيف أنَّ النبي ربط حجرين على بطنه، فالمقصود أنَّ هذا كذب، والمنافقون هم أكثر الناس كذبًا، وهم أكثر الناس رغبة في الأكل والدنيا، ولا أجبن عند اللقاء منهم، سبحان الله من الذي يهرب من المواجهة؟ هل هم الصحابة؟
وكان الصحابة -رضي الله عنهم- من أذكياء الناس، ولكن كما جاء في المثل: "رَمَتْنِي بِدَائِها وانْسَلَّتْ".
فقال له عوف بن مالك: (كَذَبْتَ؛ وَلَكِنَّكَ مُنَافِقٌ، لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّه )، وهذا فيه وجوب إنكار المنكر، يعني: إذا حضر الإنسان أناس وسمعهم يقولون، هذا ينكر عليهم، وما يتركهم، يقول: اتقوا الله، فكلامكم باطل، ولا يجوز الاستهزاء بالدين، ونحو ذلك، لعلهم يتوبون.
ثم ذهب يبلغ من؟ الرسول ؛ لِمَا في هذا من خطر، كيف هؤلاء يكونون في الجيش ويكون هذا صنيعهم؟ ولهذا يجب إبلاغ ولاة الأمر والجهات المسؤولة. يجب إبلاغها عمن يريد كيدًا بالمسلمين، ومن يمكر ويفتك بالمسلمين، ويريد الشر بالمسلمين، حتى وإن تظاهر بأشياء فلا نغتر به، ويجب التعاون على البر والتقوى لدرء شر هؤلاء.
قال: (فَذَهَبَ عَوْفٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ لِيُخْبِرَهُ، فَوَجَدَ الْقُرْآن قَدْ سَبَقَهُ)، يعني: نزلت هذه الآيات الكريمة؟ إذا يعني كل هذا يبين لنا خطرا ماذا؟ الاستهزاء بالدين. قال فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله وقد ارتحل وركب ناقته، يعني: الرسول . فقال: (إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَتَحَدَّثُ حَدِيثَ الرَّكْبِ؛ نَقْطَعُ بِهِ عَنَّا الطَّرِيقَ). الركب ما هو؟ يركبون الإبل ويتحدثون مع بعضهم (نَقْطَعُ بِهِ عَنَّا الطَّرِيقَ) أو عناء الطريق، فـ "عنا" يعني: عن مجموعتنا، عن الجمع، فنتحدث لنقطع عناء الطريق الطويل.
فقال ابن عمر: (كَأَنَّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ؛ مُتَعَلِّقاً بِنَسْـعَةِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّه )، أي: اللجام، أو الحبل الذي يوضع.
قال: (وَإِنَّ الْحِجَارَةَ تَنْكِبُ رِجْلَيْهِ)، لماذا تنكب رجليه؟ لأنه متعلق، ويريد أن يسامحه النبي ، فصارت رجلاه تضرب بالأرض وهو متعلق. انظر كيف التعلق وما عذره النبي ، ولم يلتفت إليه، وهذا فيه التغليظ على المستهزئين بالدين، وأنَّ على ولي الأمر أن يغلظ الأمر عليهم، وأن يشدد عليهم، ورسول الله يكرر الآية (﴿أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ مَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ، وَمَا يَزِيدُ عَلَيْهِا).
إذًا النفاق مرض شديد وخطير، وهو استهزاء بالدين، ولذا وجب الحذر والسلامة منه، وهذا لأنه من صفات المنافقين، ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ﴾ ، وأنَّ هؤلاء يُغَلَّظُ عليهم، كما غَلَّظَ عليهم رسول الله .
والآن بعض الناس قد يستهزئ بالدين، فيقول مثلا: القرآن متناقض! أو يقول: القرآن ناقص! أو يقول عن الرسول كلامًا سيئًا! أو يقول عن الرسول كلامًا فيه جرح لمقامه ! أو يستهزئ بشعائر الإسلام، كأن يستهزئ بالأذان، أو يستهزئ بالصلاة، أو يستهزئ بالصوم والحج، ويقول العبارات التي فيها إضحاك للناس على سبيل الهزل، وهذا كله من الكفر.
وكذلك من يستهزئ باليوم الآخر، يقول: عذاب القبر كذا، أو الصراط كذا، وأنا سأفعل كذا على الصراط، أنا كذا وكذا، فيأتي بأشياء حتى يضحك الناس، أو ينكر الجنة والنار، أو يستهزئ بالجنة والنار، أو يستهزئ بالملائكة، وكل هذا الكلام ردة عن الإسلام، نسأل الله العافية والسلامة.
بقي معنا سؤال، هل الاستهزاء بالعالم أو الرجل الصالح استهزاء بالدين؟
الجواب: لا، إذا استهزأ بشخص لخلقته مثلا، يقول: هذا صفته كذا، أو هذا قصير، أو هذا لحيته كذا، أو هذا وجهه كذا، أو هذا عينه كذا، هذا من المحرمات، والله -عز وجل- نهانا عن ذلك، ولكن لا يعد من الاستهزاء بالدين، ولكن لو استهزأ بالرجل الصالح لأجل صلاحه، أو لأجل قراءته وعلمه، فهذا إذا كان هذا نيته وقصده فقد دخل في الردة عن الإسلام، وإذا كان قصده أنه متمسك بالدين وبالإسلام ولأجل هذا استهزأ بالدين، وضرب لذلك مثلا بهذا الشخص؛ رجع استهزاؤه على الدين.
إذًا يجب علينا أن نحذر، وفي سورة هود ﴿وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ﴾ [هود:38]، من الذي يسخر بالأنبياء؟ الكفار هم من يسخرون بالأنبياء، وأتباع الأنبياء من هم؟ المؤمنون الصالحون المسلمون، ولذا لا يجوز للإنسان أن يسخر بأهل العلم والتقوى، فإذا كانت سخريته لأجل دينهم، ولأجل القرآن، فهذا خطير، وقد عاد للأول، وأما إذا كان لأجل خلقته، فهذا من التنابز بالألقاب، ومن كبائر الذنوب والمحرمات، ويجب على المسلم أن يصون نفسه عن ذلك.
نسأل الله أن يحفظنا، وأن يعافينا، وأن يحفظ المسلمين جميعًا، وأن يعافيهم، وأن يثبتنا وإياكم وجميع المسلمين على الدين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
{سؤال أحسن الله إليكم.
ماذا لو استهزأ بصوت المؤذن}.
هذا يرجع للثاني، أي أنه من المحرمات؛ لأنَّ المؤذن هو أخ له، وقد يكون آذانه بالفعل فيه أغلاط، أو قد يكون فيه صوت غريب، فإذا استهزأ به فهو يرجع استهزاءه لفعل محرم، مثل من يستهزئ بشخص قصيرا أو كذا وكذا.
{الأمر الثاني: يشيع أحيانًا في البعض أنه في حال الغضب يسب الله سبحانه وتعالى}.
من سَبَّ الله أو سَبَّ الرسول أو سَبَّ الدين؛ فإنه كافر. وهذا أعظم من الاستهزاء، الاستهزاء عرفنا دليله، والسب أعظم، وهذا عليه إجماع العلماء، ولو قال: أنا لا أقصد، أنا في حال غضب، نقول: لا عذر لك، ويجب عليك أن تجدد إسلامك.
نسأل الله العافية والسلامة لنا ولكم ولجميع المسلمين. اللهم آمين.
{أحسن الله إليكم شيخنا، وجزاكم الله عنا خير الجزاء، وبارك الله فيكم، والشكر موصول لكم أعزاءنا المشاهدين، على أمل اللقاء بكم في حلقة أخرى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.
-------------------------------------------
[1] أخرجه أبو داود (4950)، وأحمد (19054).
[2] أخرجه مسلم (2588).
[3] رواه مسلم.
[4] رواه البخاري ومسلم.
[5] أخرجه البخاري (6488)

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك