الدرس السابع عشر

معالي الشيخ د. سعد بن ناصر الشثري

إحصائية السلسلة

5675 24
الدرس السابع عشر

المحرر في الحديث (1)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين، أمَّا بعد.
فأرحب بكم في لقاءٍ جديدٍ من لقاءاتنا، في قراءة كتاب "المحرر" للحافظ ابن عبد الهادي المقدسي -رحمه الله تعالى، وكنا قد توقفنا عند مسألة: قراءة المأموم، هل يقرأ المأموم مع إمامه أو لا يقرأ، وقد ذكرنا أنَّ العلماء لهم ثلاثة مَذاهب في المسألة:
فالإمام الشافعي يقول: إنَّ المأموم يجب عليه أن يقرأ سورة الفاتحة، سواءً كان ذلك في صلاة جهرية، أو في صلاة سرية، وقد استدل على ذلك بما وَرَدَ في السنن مِن حديث عُبادة بن الصامت، أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال لهم: «لَعَلَّكُمْ تَقْرَءُونَ خَلْفَ إِمَامِكُمْ؟»، قالوا: نعم يا رسول الله، فقال: «لَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَ»[91].
والقول الثاني في هذه المسألة يقول: إنَّ المأموم لا تجب عَليه القراءة، وأنَّ قراءة الإمام قراءة للمأموم، وهذا مَذهب الإمامين أبا حنيفة وأحمد -رحمهما الله تعالى.
قالوا: وإن كان للإمام سكتات، استحب للمأموم أن يقرأ، واستدلوا عليه بقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204].
والقول الثالث يقول: إنَّ الصَّلاة الجَهرية لا يجب فيها على المأموم قراءة، بينما في الصَّلاة السرية يجب على المأموم أن يقرأ، ولعلنا نسوق بعض استدلالات الجمهور في هذه المسألة، فنقرأ في كتاب المحرر.
{بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رَبِّ العَالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم، اللهم اغفر لنا ولشيخنا، ولوالدينا، وللمستمعين والمشاهدين، ولجميع المسلمين.
قال المصنف -رحمه الله تعالى: (وَعَنْ أَبي مُوسَى t: أَنَّ رَسُولَ اللهِ r خَطَبَنَا فَبَيَّنَ لَنا سُنَّتَنا، وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا، فَقَالَ: «إِذا صَلَّيْتُم فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُم، ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُم: فَإِذا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذا قَرَأَ فَأَنْصِتُو» رَوَاهُ مُسلمٌ، وَصَحَّحَهُ الإِمَامُ أَحْمدُ.
وَتَكَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: «فَإِذا قَرَأَ فَأَنْصِتُو» أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيِّ وَغَيرُهم. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ وَصَحَّحَهُ مُسْلِمٌ، وَتكَلَّمَ فِيهِ غيرُ وَاحِدٍ)
}.
قوله: (وَعَنْ أَبي مُوسَى t: أَنَّ رَسُولَ اللهِ r خَطَبَنَا فَبَيَّنَ لَنا سُنَّتَنا، وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَ) يدل على أنَّ مِن أغراض الخُطبة بيان الأحكام الفقهية، ومِن ثَمَّ فينبغي بالخطباء أن يبينوا الأحكام الفقهية المتعلقة بالنَّاس، ومنها: أحكام الصلاة، ولا يحسن أن يقتصر في الخطبة على الموعظة فقط، بل ينبغي أن يُدخل فيها بعض الأحكام.
وقوله -صلى الله عليه وسلم: «إِذا صَلَّيْتُم فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُم»، أي: اجعلوها قائمة لا اعوجاج ولا فراغ فيها.
وقوله -صلى الله عليه وسلم: «ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُم» يدل على أنَّ الإمامة تكون للرجال، وأنَّ النساء لا يتولين الإمامة؛ وذلك لأن الخطبة يُخطب بها على الرجال.
قال: «فَإِذا كَبَّرَ» يعني الإمام «فَكَبِّرُو» فيه مشروعية التكبير للإمام والمأمومين، وفيه أن تكبير المأمومين يكون بعد تكبير الإمام، وظاهره أنَّه لا يجوز للمأمومين أن يتقدموا بالتكبير على إمامهم، وهذا كما يكون في تكبيرة الإحرام، يكون في بقية التكبيرات التي تُشرع في الصلاة.
قوله: «وَإِذا قَرَأَ فَأَنْصِتُو» أي: إذا قرأ الإمام فأنصتوا، أي: استمعوا لقراءته، وهذا مِن أَدلة مَذهب أحمد وأبي حنيفة في أنَّ المأموم لا يجب عليه أن يقرأ بفاتحة الكتاب، والشافعية قالوا: إنَّ قوله: «فَأَنْصِتُو» هذا إنما يُراد به حال قراءة الإمام، ولكنه إذا سَكَتَ وَجَبَ أن يقرءوا، أو إذا لم يتمكنوا من القراءة في سكتات الإمام.
وعلى كلٍّ، هذا من أدلة مذهب الجمهور في أنَّ المأموم لا تجب عليه القراءة، وتقدَّم معنا أنَّ الراجح في ذلك: هو وجوب القراءة على المأموم، لحديث عبادة بن الصامت[92]، وهو حديث خاصٌّ بالمأموم، فيُعمل به في محل خصوصه، خصوصًا أنه صريح الدلالة على ذلك.
ولكن الفاتحة ليست بركن، خلافًا لقول بعض الظاهرية وقول أبي هريرة، ويدل على هذا: أنَّ مَن لم يُدرك الإمام إلا راكعًا، فإنَّه لا تَلزمه قراءة الفاتحة.
{(وَعَنْ عبدِ اللهِ بنِ أَبي أَوْفَى قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ r فَقَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا فَعَلِّمْنِي مَا يـُجْزِينِـي مِنْهُ، قَالَ: «قُلْ: سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْدُ للهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَاللهُ أَكبرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيْم» قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا لله-عَزَّ وَجَلَّ-، فَمَالِي؟ قَالَ: «قُلْ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وارْزُقْنِي وَعَافِنِي واهْدِنِي»، فَلَمَّا قَامَ قَالَ: هَكَذَا بِيَدِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: «أَمَّا هَذَا فَقَدْ مَلأَ يَدَهُ مِنَ الْخَيْرِ». رَوَاهُ أَحْمدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّان وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: عَلَى شَرط البُخَارِيِّ, وَقَدْ قَصَّر مَنْ عَزاهُ إِلَى ابْنِ الْجَارُودِ فَقَط)}.
هذا الحديث متعلق بمن عَجَزَ عَن قراءة الفاتحة، والأصل أن قراءة الفاتحة ركن في الصَّلاة، خصوصًا للإمام والمنفرد، فإذا كان الإمام والمنفرد يستطيعان قراءة الفاتحة، تعينت عليهم، ووجب عليهم أن يقرؤوا الفاتحة، وقد مرَّ علينا حديث: «لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ»[93].
ولكن إذا كان المنفرد يَعجز عن قراءة الفاتحة، فماذا يفعل؟
إذا كان يستطيع أن يقرأ جزءًا من الفاتحة، فحينئذ يكرره بما يوازي الفاتحة، الفاتحة سبع آيات، فإذا عَجَزَ عن آيتين في آخر السورة، فإنَّه حينئذ نقول له: كرر من السورة ما يوازي مَا عَجَزت عنه، وأمَّا إذا كان يَعجز عَنها بالكلية، فحينئذ ماذا يفعل؟
جاء في هذا حديث عبدِ اللهِ بنِ أَبي أَوْفَى، وبعض أهل العلم قد تكلم في إسناده، ولكن هذا الخبر قد قوَّاه جماعة، قال: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ r فَقَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئً) أي: لا أحفظ من القرآن شيئًا، (فَعَلِّمْنِي مَا يـُجْزِينِـي) أي: ما يُتَمِّم صلاتي، ويثبت لي به صلاة صحيحة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: «قُلْ: سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْدُ للهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَاللهُ أَكبرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيْم» هذه خمس كلمات، وسورة الفاتحة سبع آيات، فبعض أهل العلم قال: يزيد حتى يوازي عدد آيات الفاتحة، وبعضهم قال: يكفيه هذا اللفظ.
لكن يلاحظ هنا أنَّ مَن استطاع أن يقرأ الفاتحة بأي طريقة تعينت عليه، كما لو كان يقرأ من ورقة، فحينئذ يتعين عليه أن يحضر ورقة فيقرؤها، أو كان يستطيع الترديد مع المسجل، مع مسجلات الصوت، فحينئذ يُردد مع مُسجلات الصوت، أو كان هناك شخص آخر يتمكن أن يردد معه، فحينئذ يتعين عليه، وبالتالي لا يجوز له أن ينتقل لقول هذا الذكر، فهذا الذكر لمن عَجَزَ عَن قِراءة الفاتحة بجميع السبل والطرائق، أمَّا مَن استطاع قراءة الفاتحة بأي طريقة، فإنها حينئذ تتعين عليه، ولا يجزئ إلا هي.
فقال: (يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا لله-عَزَّ وَجَلَّ-) أي: هذه الأمور ذكرٌ لله -عز وجل، (فَمَالِي؟) أي: ما الذي أجعل لي في ما يتعلق بأموري الخاصة؟
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: «قُلْ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وارْزُقْنِي» أي: أعطني من أرزاق الدنيا والآخرة «وَعَافِنِي» أي: أَبْعِد عَني الأمراض والأضرار «واهْدِنِي»، أي: انقلني من الضلالة والغواية إلى الحق والهداية، (فَلَمَّا قَامَ قَالَ: هَكَذَا بِيَدِهِ) فكأنه أخذ شيئًا، (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: «أَمَّا هَذَا فَقَدْ مَلأَ يَدَهُ مِنَ الْخَيْرِ») يعني لما تعلم الذكر، وتعلم الأدعية.
واستدل بهذا الخبر على جواز أن يدعو الإنسان لنفسه بأمور الدنيا أثناء صلاته، فإنَّ بعض أهل العلم قال: الصلاة يُراد بها الآخرة؛ لأنها عبادة مَحضة، فلا يجوز أن يُدعى فيها بشيءٍ مِن مَلاذ الدنيا، كما هو منقولٌ عن الإمام أحمد -رحمه الله، وهذا الحديث يدل على خلاف هذا القول.
وقال الإمام أبو حنيفة: إنَّه لا يدعو إلا بدعاءٍ مَأثور، فلا يحق للإنسان أن يدعو بغير الأدعية المأثورة، وهو مردود بما ورد من حديث ابن مسعود، أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فإذا قلت ذلك» يعني التشهد «فادع بما شئت»[94]، ولم يشترط أن يكون دعاءً بأدعية مأثورة.
لماذا اشترط الإمام أبو حنيفة ذلك؟
قال: لأنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ، لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ»[95]، فقال: حينئذ لا يدعو إلا بكلام الله أو كلام رسوله، ولكن قوله: «لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ»، أي: أن يُكلم بعضهم بعضًا، وليس المُراد به أن يدعو ربه بالأدعية التي تتعلق بأمور دنياه وآخرته.
{أحسن الله إليك. (وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ: «إِذا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» مُتَّفقٌ عَلَيْهِ)}.
في هذا الحديث: مشروعية التأمين، وهو قول: "آمين" بعد الفراغ مِن قِراءة سُورة الفاتحة، والتأمين مشروع للإمام والمأموم والمنفرد، والتأمين ليس جزءًا من سورة الفاتحة، ولكنه متمم لها مِن غَيرها، وليس معنى هذا أنَّ فيها نقصًا، وإنما هو هَدي النبي -صلى الله عليه وسلم، فإنَّه لمَّا تضمن آخر السورة دعوات يدعو بها الإنسان، شُرع له أن يقول: آمين، وآمين معناها: "اللهم استجب".
وظاهر هذا اللفظ أنَّ تأمين المأمومين يكون بعد تأمين الإمام، لقوله: «فَأَمِّنُو»، لكن المعروف مِن هَدي النَّبي -صلى الله عليه وسلم- والهدي في زمانه: أنَّهم كانوا يؤمِّنون، أي: يبدءون التأمين ببدئه صلى الله عليه وسلم في التأمين، فكأنه قال: إذا بدأ في التأمين فابدءوا بالتأمين.
ثم قال: «فَإِنَّهُ» هذه تعليلية، وفيها بيان الأجر والثواب المترتب على التأمين، «مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
وظاهر هذا الحديث يَدل على: مشروعية الجهر بالتأمين في الصلوات السرية للإمام وللمأموم أيضًا، وهذا قول الإمام الشافعي، والإمام أحمد، وجماعة من أهل العلم، وذلك أخذًا من هذا الحديث، ولأحاديث أخر ستأتي -إن شاء الله.
{(وَعَنْ أَبي قَتَادَةَ t قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ r يُصَلِّي بِنَا، فَيقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُوْلَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكتابِ وسُورَتَيْنِ، ويُسْمِعُنا الْآيَةَ أَحْيَانًا، وَكَانَ يُطَوِّلُ الرَّكْعَةَ الأُولَى مِنَ الظُّهْرِ، وَيُقَصِّرُ الثَّانِيَةَ، وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتابِ. مُتَّفقٌ عَلَيْهِ. وَاللَّفْظُ لمسْلمٍ، وَفِي رِوَايَة البُخَارِيِّ: وَكَانَ يُطَوِّلُ الأُولَى مِنْ صَلَاةِ الصُبْحِ، وَيقَصِّرُ فِي الثَّانِيَة)}.
يؤخذ من هذا الحديث: مشروعية قراءة الفاتحة، وقراءة سورة بعد الفاتحة في صلاتي الظهر والعصر في الركعتين الأوليين منهما، والأظهر أنَّ هذا كما يكون للإمام، يكون للمأموم، قال أبو قتادة: (كَانَ رَسُولُ اللهِ r يُصَلِّي بِنَ) يعني: يكون إمامًا لنا في الظهر والعصر، وفي هذا فضيلة إمامة الصلوات، وقد تولاها النبي -صلى الله عليه وسلم- بنفسه.
وفي هذا الحديث: مشروعية القراءة بسورة بعد القراءة في صلاة الظهر، وظاهره أن الأولى أن يُقرأ في كل ركعة بسورة مستقلة، لقوله: (فَيقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُوْلَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكتابِ وسُورَتَيْنِ) ولكن لو قرأ جزءًا من سورة، أو قطَّع سورة لتكون في الركعتين فلا بأس في هذا، فإنَّ الله تعالى قال: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [المزمل: 20].
وقوله: (ويُسْمِعُنا الْآيَةَ أَحْيَانً) هذا فيه جواز رَفع الصوت قليلًا ليسمع المأموم، وهذا فيه معنى، وهو أنَّه أَرَادَ أن يُعلم المأمومين استحباب القراءة للسورة بعد الفاتحة.
وفيه: أنَّ الركعة الأولى أطول مِن الركعة الثانية، كما قال بذلك جمهور أهل العلم، خلافًا لما أُثر عن الإمام الشافعي.
وفي هذا الحديث: أنَّ الركعتين الأخريين، يُستحب أن يَقتصر فيهما على سورة الفاتحة، وقد وَرَدَ أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ في الركعتين الأخريين بعد سورة الفاتحة، ولكن كان هذا على جهة الندرة.
وفي هذا الحديث: مشروعية تطويل القراءة في صلاة الفجر، وفيه أنَّ الركعة الأولى أطول مِنَ الركعة الثانية في صلاة الفجر، وقد قال تعالى: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودً﴾ [الإسراء: 78].
{أحسن الله إليكم، لو قرأ بفاتحة الكتاب فقط، ولم يزد عليها، هل صلاته صحيحة؟}.
إذا قرأ بفاتحة الكتاب ولم يقرأ السورة معها، صلاته صحيحة، لكنه ترك سنَّة النبي -صلى الله عليه وسلم، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يترك السورة بعد الفاتحة، وقد قال: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»[96].
{أحسن الله إليك. (وَعَنْ أَبي سَعيدٍ الْخُدْرِيِّ t قَالَ: كُنَّا نَحْزُرُ قِيامَ رَسُولِ اللهِ r فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُوْلَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ قَدْرَ قِرَاءَة: ﴿الم * تَنزِيلُ﴾ السَّجْدَة، وحَزَرْنا قِيَامَهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ، وحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُوْلَيَيْن مِنَ الْعَصْرِ عَلَى قَدْرِ قِيَامِهِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ منَ الْعَصْر عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي رِوَايَةٍ: بدل ﴿تَنزِيلُ﴾ السَّجْدَة قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةً، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً، وَفِي الْعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْن فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ قِرَاءَة خَمسَ عَشْرَةَ آيَةً، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ. رَوَاهُ مُسلمٌ)}.
هذا الحديث هو مَا استَدَل به الإمام الشافعي على أنَّ الركعتين الأوليين ينبغي التماثل بينهما، والجمهور رأوا أنَّ الركعة الأولى أطول مِن الركعة الثانية، واستدلوا عليه بالحديث السابق، حديث أبي قتادة -رضي الله عنه[97].
وهنا وجد نوع تعارض، فيقال إنَّ قوله هنا: (فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُوْلَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ) إنَّما تدل على التساوي مِن جهة الدلالة والمفهوم، وهناك مِن جهة اللفظ الصريح، ودلالة اللفظ الصريح مقدمة على دلالة المفهوم.
وقوله: (كُنَّا نَحْزُرُ) أي: نُقدِّر، ونعرف المقدار (قِيامَ رَسُولِ اللهِ r فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ) أي: نقدِّره بعدد الآيات التي يقرؤها.
فقال: (فَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُوْلَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ قَدْرَ قِرَاءَة: ﴿الم * تَنزِيلُ﴾ السَّجْدَة، وحَزَرْنا قِيَامَهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ) ظاهر هذه اللفظة: أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بعد سورة الفاتحة في الركعتين الأخريين مِن الظهر، بينما ظاهر الأول أنَّه لم يكن يَقرأ بعد الفاتحة شيئًا في الركعتين الأخريين.
ولذا يُقال: إنَّ الحديث الأول على جهة الدوام والكثرة، وهذا وقع منه مِرارًا، ولم يكن هو الأكثر مِن شأنه -صلى الله عليه وسلم.
واستدل الشافعي أيضًا بهذا الحديث على أنَّ الركعتين الأوليين مِن صلاة العصر تتساويان في القراءة، بينما يقول الجمهور: إنَّ الركعة الأولى تكون أطول مِن الركعة الثانية؛ لحديث أبي قتادة السابق[98].
{(وَعَنْ بُكير بنِ عبدِ اللهِ بنِ الْأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَان بنِ يسَارٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ t قَالَ: مَا صَلَّيتُ وَرَاءَ أَحَدٍ أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللهِ r مِنْ فُلَانٍ. قَالَ سُلَيْمَان: كَانَ يُطِيلُ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُوْلَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ، وَيُخَفِّفُ الْأُخْرَيَيْنِ، وَيُخَفِّفُ الْعَصْرَ، وَيقْرَأُ فِي الْمَغْربِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَيَقْرَأُ فِي الْعِشَاءِ بِوَسَطِ الْمُفَصَّلِ، وَيَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ بِطُوَالِ الْمُفَصَّل. رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالنَّسَائِيُّ -وَهَذَا لَفظُهُ- وَهُوَ أَتَمُّ، وَإِسْنَادُه صَحِيحٌ)}.
بُكير بنِ عبدِ اللهِ بنِ الْأَشَجِّ، وَسُلَيْمَان بنِ يسَارٍ من التابعين، هم من علماء الأُمَّة، وقد رووا أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بواسطة عدد من الصحابة.
قال: (عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ t قَالَ: مَا صَلَّيتُ وَرَاءَ أَحَدٍ أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللهِ r مِنْ فُلَانٍ) فيه أنَّ الأولى بالإنسان أن يَختار الطريقة النَّبوية في الصَّلاة، وقد جاء في الحديث: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»[99].
قوله (مِنْ فُلَانٍ) ورد في تفسير هذه اللفظة أنَّه عمر بن عبد العزيز، وذلك أنَّ عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- كان قد تولى ولاية المدينة، ولذلك كان يُصلي بهم، وكان أبو هريرة حينذاك بالمدينة.
(قَالَ سُلَيْمَان) في تفسير صلاة عمر بن عبد العزيز (كَانَ يُطِيلُ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُوْلَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ، وَيُخَفِّفُ الْأُخْرَيَيْنِ، وَيُخَفِّفُ الْعَصْرَ) فيه إطالة الركعتين الأوليين من صلاة الظهر، وظاهره تساويهما، ولكن قد ورد في حديث أبي قتادة التصريح بأن الأولى أطول من الثانية.
قال: (وَيُخَفِّفُ الْعَصْرَ) يحتمل أنه لم يكن يقرأ إلا بفاتحة الكتاب، لكن قد ورد تفسير ذلك في حديث غيره بأنه كان يقرأ في الركعتين الأوليين مِن العصر بعد قراءة الفاتحة.
ثُمَّ ذَكَرَ الصَّلوات الجهرية، وفيها دلالة على أنَّ الصَّلوات الثلاث المغرب والعشاء والفجر يُشرع الجهر بالقراءة فيها، فقد كان هذا هو شأن النبي -صلى الله عليه وسلم، وكان يقرأ فيهم بالمفصل والمراد بالمفصَّل: السور القصار من القرآن؛ لأن آياتها قد فُصِّلت، وأصبحت قصيرة، وهي تبدأ على أحد قولي أهل العلم من سورة "ق".
قال: (وَيقْرَأُ فِي الْمَغْربِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ) وقصار المفصَّل تبدأ من سورة "الضحى".
(وَيَقْرَأُ فِي الْعِشَاءِ بِوَسَطِ الْمُفَصَّلِ) وقد ورد في الحديث الآخر: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أرشد معاذًا إلى أن يقرأ بـ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: 1]، و ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ﴾ [الطارق: 1] و ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ [الغاشية: 1].
قال: (وَيَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ بِطُوَالِ الْمُفَصَّل)، وهذا يبدو أنه ليس في جميع أيامه، ولكن هذا هو الغالب من حال النَّبي -صلى الله عليه وسلم، التي كان عمر -رضي الله عنه- يحاول أن يقتدي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فيها.
{(وَعَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْب، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنَ المفَصَّل سُورَةٌ صَغِيرَةٌ وَلَا كَبِيرَةٌ إِلَّا وَقدْ سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ r يَؤُمُّ النَّاسَ بِهَا فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَة. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد)}.
ابن إسحاق، هو محمد بن إسحاق بن يسار، صاحب السيرة، وهو صدوق في الرواية، لكنه مدلِّس، ولا يُقبل من حديثه إلا ما صرَّح فيه بالسماع، وقد رَوَىَ هذا الخبر عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْب عَن أبيه، وأبوه: شُعَيْب بن محمد بن عبد الله بن عبد الله بن عمرو بن العاص.
قال: (عَنْ جَدِّهِ) الضمير في جدِّه يعود إلى شُعيب، جدُّ شُعيب، وهو عبد الله بن عمرو بن العاص، وشعيب هذا صدوق، فروايته من قبيل الحسن.
قال: (مَا مِنَ المفَصَّل) والمراد به: ما كان من سورة "ق" إلى سورة "الناس"، (مَا مِنَ المفَصَّل سُورَةٌ صَغِيرَةٌ وَلَا كَبِيرَةٌ إِلَّا وَقدْ سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ r يَؤُمُّ النَّاسَ بِهَا فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَة) أي: يُصلي بها، وفيه مشروعية إسماع جميع المأمومين في الصلوات الجهرية، وهي صلاة المغرب، والعشاء، والفجر.
{(وَعَنْ جُبَيرِ بنِ مُطْعِم قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ r يَقْرَأُ بِالطُّورِ فِي الْمَغْرِبِ. مُتَّفقٌ عَلَيْهِ)}.
جُبَيرِ بنِ مُطْعِم صحابي تأخر إسلامه، جُبَيرِ بنِ مُطْعِم بنِ عَدِي، لكن هذا الحديث سمعه قبل إسلامه؛ لأن جُبَيْرًا أُسر يوم بدر، وقد جعلهم النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد يستمعون لقراءته، فكان مما سمعه جُبير، سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في صلاة المغرب بسورة الطور.
وفي هذا دلالة على أنه يُشرع قراءة طوال المفصل في صلاة المغرب، وحينئذ قد يُقال إنَّ الأصل والغالب قراءة قصار المفصل فيها، ولكنه في بعض الأحيان قد يُقرأ بطوال المفصل في صلاة المغرب.
{(وَعَنْ فُلَيحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بنُ سَهْلٍ، قَالَ: اجْتَمَعَ أَبُو حُمَيدٍ وَأَبُو أُسَيدٍ وَسَهلُ بنُ سَعْدٍ وَمُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ، فَذَكَرُوا صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ r فَقالَ أَبُو حُمَيد: أَنا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللهِ r، وَفِيهِ قَال: ثُمَّ رَكَعَ فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ كَأَنَّهُ قَابِضٌ عَلَيْهِمَا، وَوَتَّرَ يَدَيْهِ فَتَجافى عَنْ جَنْبَيْهِ، قَالَ: ثُمَّ سَجَدَ فَأَمْكَنَ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ وَنَحَّى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَوضَعَ كَفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ حَتَّى رَجَعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى فَرَغَ، ثُمَّ جَلَسَ فَافْتَرشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَأَقْبلَ بِصَدْرِ الْيُمْنَى عَلَى قِبْلَتِهِ، وَوضعَ كَفَّهُ اليُمْنَى عَلَى رُكْبَتِهِ اليُمْنَى، وَكَفَّهُ اليُسْرَى عَلَى رُكبتِهِ اليُسْرَى، وَأَشَارَ بإِصْبَعِهِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ بَعْضَهُ وَصَحَّحَهُ)}.
قال عَبَّاسُ بنُ سَهْلٍ بنُ سَعْدٍ -رحمه الله: (اجْتَمَعَ أَبُو حُمَيدٍ وَأَبُو أُسَيدٍ وَسَهلُ بنُ سَعْدٍ) سهل بن سعد والده، (وَمُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ، فَذَكَرُوا صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ r) وفي هذا: مشروعية الاجتماع لمذاكرة الأحكام الشرعية، ومنها صفة الصَّلاة، وفي هذا مشروعية تذاكر صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- مِن أَجل أن يُقتدى به فيها.
وفي هذا الحديث: رد العلم إلى مَن هو أَعلم النَّاس به، قال: فقام أبو حميد فصلى لهم وفيه: (ثُمَّ رَكَعَ) فيه مشروعية الركوع في الصَّلاة.
قوله: (فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ) يعني حال الركوع.
قال: (كَأَنَّهُ قَابِضٌ عَلَيْهِمَ) أي: كأنه قد أمسك ركبتيه بيديه.
قوله: (وَوَتَّرَ يَدَيْهِ) أي: جعلها على شكل الوتر، الذي يُرمى به، فجعلهما متقوستين، (فَتَجافى عَنْ جَنْبَيْهِ) أي: أَبعَدَ يديه عَن جنبيه.
(قَالَ: ثُمَّ سَجَدَ فَأَمْكَنَ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ) فيه مشروعية وضع الأنف والجبهة على الأرض حال السجود.
قال: (وَنَحَّى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ) أي: أَبعَدَ اليدين عَن الجنبين، (وَوضَعَ كَفَّيْهِ) في السجود على الأرض.
قوله: (حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ) والمنكب: المفصل الذي يكون بين الكتف والعضد.
وقوله: (وَوضَعَ كَفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ) فيه أنه يجعل اليدين حال السجود في هذا الموطن.
قال: (ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ) أي: بعد السجود (حَتَّى رَجَعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ) أي: في مكانه الذي كان فيه، وفي بعض الروايات: أنَّ هذه في حال القيام من الركوع إلى القيام.
قال: (حَتَّى فَرَغَ، ثُمَّ جَلَسَ) يعني حتى فرغ من الصَّلاة بأداء الركعتين.
قال: (ثُمَّ جَلَسَ) يعني للتشهد، (فَافْتَرشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى) أي: جعلها مفروشة تحت إليتيه، (وَأَقْبلَ بِصَدْرِ الْيُمْنَى عَلَى قِبْلَتِهِ) فيه أن اليمنى تكون واقفة حال الافتراش، وتكون أصابعها إلى جهة القبلة، وفي هذا دليل لمذهب الإمام أحمد، حينما قال: إنَّ التشهد في الركعة الثانية، الذي يعقبه التسليم، يُشرع فيه الافتراش، خِلافًا لمذهب الإمام الشافعي -رحمه الله.
يعني مثلًا: في صلاة الفجر، أو في السنن الرواتب، في التشهد، هل الأفضل أن تفترش؟ أو أن تتورَّك؟
قال أحمد: تفترش، وقال الشافعي: تتورَّك، وهذا الحديث من أدلة مذهب الإمام أحمد -رحمه الله تعالى.
قوله: (وَوضعَ كَفَّهُ اليُمْنَى عَلَى رُكْبَتِهِ اليُمْنَى) ورد في بعض الأحاديث أنَّه يضع يديه على فخذيه، ولكن هنا قال: (وَوضعَ كَفَّهُ) وبالتالي لا يُراد أنه يلقمها إلقامًا، وإنما المراد أنها تعلو على الركبتين، أنَّ اليدين تعلوان الركبتين، ويكون أطراف الأصابع فوق الركبتين، لا أنَّه يُمسك الركبتين بيديه.
قال: (وَوضعَ كَفَّهُ اليُمْنَى عَلَى رُكْبَتِهِ اليُمْنَى وَكَفَّهُ اليُسْرَى عَلَى رُكبتِهِ اليُسْرَى، وَأَشَارَ بإِصْبَعِهِ) فيه مشروعية الإشارة عند التشهد الأول، عند ذكر الله -جل وعلا- وتوحيده، وبهذا قال الجمهور خلافًا لمذهب الإمام أبي حنيفة -رحمه الله تعالى.
{(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللهِ r السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبي بَكْرٍ، فَقَالَ: «أَيهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرى لَهُ، أَلا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًَا، فَأَمَّا الرُّكُوع فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُم» رَوَاهُ مُسلم)}.
في هذا الحديث: أنَّ الرجل المريض يجوز له أن يَترك الصَّلاة مَعَ الجماعة إذا عَجَزَ عن الإتيان إليها، وفي هذا استخلاف الإمام لمن يُصلي بالنَّاس بعده، كما استخلف النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر الصديق.
وفيه أيضًا التذكير بالمواعظ، وفيه الإشارة إلى مبشرات النبوة، ومنها: الرؤية الصالحة، قال: «يَرَاهَا الْمُسْلِمُ» أي: يشاهدها في منامه، «أَوْ تُرى لَهُ».
وفي الحديث: عدم جواز قراءة القرآن حال الركوع، وحال السجود، ولئن كانت قراءة القرآن فاضلة، إلا أنَّ هناك مَواطن لا يجوز أن يُقرأ فيها بالقرآن، وهناك مواطن يجوز أن يُقرأ بالقرآن، لكن غير القرآن فيها أفضل، وأمَّا الأصل فهو أن قراءة القرآن أفضل؛ لأنها كلام رَبِّ العِزة والجلال.
وقوله: «فَأَمَّا الرُّكُوع فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ» استدل به الإمام أحمد على أنَّ قول "سبحان ربي العظيم" في الركوع مِن الواجبات؛ لأن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قد أَمَرَ فيه بتعظيم الرب -سبحانه وتعالى، وأمَّا قوله: «وَأَمَّا السُّجُودُ فاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ» فهذا ظاهره إيجاب الدعاء في السجود، ولكن قد وَرَدَ في الأحاديث إيجاب قول: "سبحان ربي الأعلى" كما سيأتي، وحينئذ يُستدل بقوله: «فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُم» أي: حَرِيٌّ أن يُستجاب لدعائكم في السجود، على أنَّ الدعاء ليس من الواجبات؛ لأنه جعل ذلك من الأمور التي تعود للعبد، بأن يُستجاب له في دعائه، وفي هذا أن الدعاء في السجود من المستحبات.
{ما قولكم فيمن يُطوِّل في السجود الأخير؟ مع العلم أنَّه يَستدل بمثل هذه الأحاديث ويقول إنه يدعو الله، مع العلم أنَّ هذا يُحدث بلبلة}.
يقول: عندنا بعض الأئمة تُطيل في السجدة الأخيرة التي قبل التشهد، فنقول: قال النَّبي -صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»[100]، ولم يؤثر عنه -صلى الله عليه وسلم- أنَّه أطال الركوع الأخير، أو السجود الأخير، وخير الهَدي هَدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
{السؤال الثاني في نفس الحديث: التسبيح والتحميد والدعاء في السجود كم مرة "سبحان ربي العظيم"، و"سبحان ربي الأعلى"}.
لعله يأتي -إن شاء الله.
{(وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ r يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِر لِي» مُتَّفقٌ عَلَيْهِ)}.
في هذا مشروعية قول هذا الذكر في الركوع والسجود.
قوله: «سُبْحَانَكَ» أي: أنزِّهك يا الله، «رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ» أي: بالثناء عليك بأوصافك الجميلة، «اللَّهُمَّ اغْفِر لِي» أي: أطلب أن تتجاوز عَن ذنوبي وأن تَسترها، وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يقوله في الركوع والسجود، وقد ورد في بعض الأحاديث أنَّه تَأول سورة النصر في قوله[101]: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابً﴾ [النصر].
{(وَعَنْ ثَابتٍ، عَنْ أَنسٍ، قَالَ: إِنِّي لَا آلُو أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولَ اللهِ r يُصَلِّي بِنَا. قَالَ: فَكَانَ أَنسٌ يَصْنعُ شَيْئًا لَا أَرَاكُم تَصْنَعُونَهُ: كَانَ إِذا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ انْتَصَبَ قَائِمًا حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ قَدْ نَسِيَ، وَإِذا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ مَكَثَ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ قَدْ نَسِيَ. مُتَّفقٌ عَلَيْهِ)}.
ثابت البناني مِن تلاميذ أنس بن مالك -رضي الله عنه، وأنسٌ خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
قوله: (إِنِّي لَا آلُو) أي: أتكلف ولا أعجز.
قوله: (أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ) أي: أصلي صلاة تقتدون بي فيها، وتتعلمون بها صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا: جواز أن ينوي الإنسان في صلاته تَعليم الآخرين لصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم، وفيه أيضًا: مشروعية الاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة.
قال ثابت: (فَكَانَ أَنسٌ يَصْنعُ شَيْئًا لَا أَرَاكُم تَصْنَعُونَهُ: كَانَ إِذا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ) أي: حال القيام من الركوع.
(انْتَصَبَ قَائِمً) أي: كان واقفًا وقوفًا تامًا.
(حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ قَدْ نَسِيَ) فيه مشروعية إطالة القيام بعد الركوع، وبهذا قال الجمهور، وقال بعضهم بإباحته، وقال بعض الحنفية بكراهيته، ودليل الباب صريح في حكم هذه المسألة.
قال: (وَإِذا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ) أي: في الجلسة بين السجدتين، أو في التشهد.
(مَكَثَ) أي: أطال الجلوس.
(حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ قَدْ نَسِيَ) أي: أنه لم يتذكر وجوده في الصلاة.
{(وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ t قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله r إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِين يرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: «رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ»، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًَا، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ مِثلَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا، حَتَّى يَقْضِيَهَا وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوس. مُتَّفقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لفظُ مُسلم، غيرَ أَنَّهُ قَالَ: مَنَ الْمَثْنَى بَعدَ الـجُلُوسِ)}.
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه، قال: (كَانَ رَسُولُ الله r) و"كان" تفيد الدوام والاستمرار.
قوله: (إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ يُكَبِّرُ) أي: تكبيرة الإحرام.
(حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِين يرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: «رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ») فيه دلالة على أنَّ الإمام والمنفرد يَجمع بين قول: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» وقول: «رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ».
قال: (ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًَ) فيه أنَّ التكبير حال الانتقال.
(ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ) يعني: للقيام للركعة الثانية.
(ثُمَّ يَفْعَلُ مِثلَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَ) فيه دلالة على مشروعية التكبير في هذه المواطن، والجمهور قالوا: إن ذلك على الاستحباب، وقال أحمد: إنَّه على الوجوب، لكن مَن تَرَكَه نسيانًا لم تبطل صلاته به.
قال: (حَتَّى يَقْضِيَهَ) أي: حتى ينتهي من الصلاة.
قوله: (وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الثِّنْتَيْنِ) يعني إذا قام بعد التشهد الأول للركعة الثالثة، ففي هذا دلالة على مشروعية تكبيرات الانتقال، وقد كان بعض أهل الزمان الأول يقولون: إنَّه لا يكبِّر حين الانتقال، لكنه خلاف سنَّة النبي -صلى الله عليه وسلم.
بارك الله فيكم، ووفقكم الله لكل خير، ورزقكم عِلمًا نافعًا، وعملا صالحًا، كما أسأله -جل وعلا- لكل من شاهدنا العلم النافع، وأسأله أن يجعلهم أئمة هدى يُقتدى بهم في الخير، كما أسأله -جل وعلا- التوفيق لإخواني ممن يرتِّب هذا اللقاء، وفَّق الله ولاة أمورنا لكل خير، وجعلهم الله من الهداة المهتدين، من أسباب الخير والصلاح والهداية للعباد، والصلاح والاستقامة للبلاد، هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
-----------------------------
[91] أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَاَلتِّرْمِذِيّ وَابْن حِبَّانَ
[92] أخرج البخاري ومسلم عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ .
[93] تقدم تخريجه في (2)
[94] أخرج البخاري ( 835 ) ومسلم ( 402 ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، قَالَ: "كُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ: "إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ، فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَلْيَقُلِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فَإِذَا قَالَهَا، أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ". وفي رواية: "ثم يتخيّر من الدعاء أعجبه إليه فيدعو".
[95] رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة 1/ 381 (537)
[96] البخاري ومسلم
[97] وَعَنْ أَبي قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ يُصَلِّي بِنَا، فَيقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُوْلَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكتابِ وسُورَتَيْنِ، ويُسْمِعُنا الْآيَةَ أَحْيَانًا، وَكَانَ يُطَوِّلُ الرَّكْعَةَ الأُولَى مِنَ الظُّهْرِ، وَيُقَصِّرُ الثَّانِيَةَ، وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتابِ. مُتَّفقٌ عَلَيْهِ. وَاللَّفْظُ لمسْلمٍ، وَفِي رِوَايَة البُخَارِيِّ: وَكَانَ يُطَوِّلُ الأُولَى مِنْ صَلَاةِ الصُبْحِ، وَيقَصِّرُ فِي الثَّانِيَة)
[98] تقدم في (7)
[99] تقدم تخريجه في (6)
[100] تقدم تخريجه في (6)
[101] أخرج البخاري (761) ومسلم (484) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك