الدرس الثامن عشر

فضيلة الشيخ د. عبدالحكيم بن محمد العجلان

إحصائية السلسلة

7540 33
الدرس الثامن عشر

أخصر المختصرات 4

{الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم السلام، حياكم الله مشاهدينا الكرام، في حلقة جديدة من برنامج (جادة المتعلم) نصطحبكم في شرح كتاب (أخصر المختصرات)، يشرحه لنا فضيلة الشيخ/ الدكتور عبد الحكيم بن محمد العجلان.
باسمي واسمكم جميعًا نحيي فضيلة حياكم الله}.
أهلا وسهلا، حياك الله، وحيا الله الطلاب والطالبات، وأسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الموفقين.
{اللهم أمين، نستكمل شيخنا ما كنا قد توقفنا عنده}.
استعن بالله.
{قال -رحمه الله-: (وَإِنْ قَالَ: حَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ وَكَذِبَ دُيِّنَ وَلَزِمَهُ حَكْمًا)}
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أمَّا بعد، فأسأل الله -جل وعلا- أن يرفعنا بالعلم، وأن يجعلنا من أهله، وأن يجعله ذخرًا لنا يوم لقائه، وألا يزيغنا عن منهاجه، وألا يجعلنا من أهل الجهالات ولا البليات، وأن يغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.
لَمَّا قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: (وَإِنْ قَالَ: حَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ) يعني: أن الزوج أخبر بأنه حلف بالطلاق، هذه مسألة بعد مسائل الأحوال الثلاثة: الصريح، والكناية، وما يحتمل طلاقا ويحتمل ظهارا، أو حكما آخر، أو يمينا.
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: هذه أحوال الأخبار، فهو يقول: (حلفت بالطلاق)، وقد يكون صادقًا فعلا، أي في حلفه بالطلاق، وقد لا يكون صادقًا، ولذلك قال: (وكذب)، يعني: الحال أنه كاذب ولم يحلف الطلاق، (دُيِّنَ)، يعني يقال له: أنت فيما بينك وبين الله -جل وعلا- مسؤول، إن كنت قد حلفت بالطلاق، فلا يجوز لك أن تخفي ذلك ولا أن تكتمه، بل لا بد أن تبينه، وأن يظهر حتى ننظر هل وقع عليها الطلاق أو لا.
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: (وَلَزِمَهُ حَكْمًا) يعني: لو اختلفت المرأة أي: ما صدقته، لأنها تعرف عنه مثلا أنه قليل الديانة، أو أنه كثير الكذب، أو أنه يعرف منه المراوغة والاحتيال، فرفع ذلك إلى القاضي، فيلزمه القاضي حكمًا، يعني: في حكم القاضي، أو في حكم الظاهر أنه يلزمه، وما دام أنه أخبر عن نفسه دُيِّنَ، فالأصل أن خَبَرَه صحيحٌ، وأنه قال ما أخبر به، وبناء على ذلك يلحقه حكمه، ولذلك يُلزمه الحاكم به.
ولكن لو صدقته المرأة، وعرفت ديانته، وأمنت أنه لا يكون في ذلك كاذبًا، وليس متعديا لحدود الله -جل وعلا-، فاطمأنت نفسها، وأنه إنما قال ذلك تخويفا، أو للخلاص من أمر احتاج إليه، فيقولون: الأمر عليه فيما بينه وبين الله -جل وعلا-، فإن كان صادقا فالحمد لله، وإن كان كاذبا لحقه مَغِبَّة كذبه وتبعة ما أخفاه.
{أحسن الله إليكم.
قال -رحمه الله-: (وَيَمْلِكُ حُرٌّ وَمُبَعَّضٌ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ، وَعَبْدٌ اثْنَتَيْنِ)}.
هذا بيان في عدد الطلاقات التي يملكها الزوج، فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: لا يخلو إما أن يكون الزوج حرًا أو أن يكون عبدًا أو أن يكون بينهما مبغضًا، فالحر يملك ثلاث تطليقات وهذا ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾، ثم قال الله -جل وعلا-: ﴿فَإِن طَلَّقَهَا﴾، فدلَّ على أنها ثلاث تطليقات، وهذا محل اتفاق وإجماع بين أهل العلم، لا يختلفون فيه.
ولَمَّا كان العبد على النصف من الحر، فتكون له طلقة ونصف، ولَمَّا كان الطلاق لا يتبعض، فَجُبِرَ النصف فكانت له طلقتان، وبناء على ذلك قالوا: إن للعبد طلقتان.
قال: (وَمُبَعَّضٌ) المبعض هو الذي بعضه حر وبعضه عبد، وبناء على ذلك سيكون له طلقتان وشيء، سواء كان أكثره حرًا أو كان أكثره عبدًا، وأيضا الطلقات لا تتبضع، فسيكون إذا مثل الحر، أي: له ثلاث تطليقات، فإذا يملك هذه التطليقات الثلاث لكل امرأة.
وبناء على ذلك إذا طلقها مرة، بقيت له طلقتان، وإذا طلقها مرتين بقيت له طلقة، والعبد إذا طلق زوجته مرة سواء كانت حرة أو أمة، بقيت له طلقة، وإذا طلق اثنتين فإنها تبين منه حتى تتزوج من زوج آخر، ثم يُطلقها بعد أن يباشرها على ما سيأتي، ثم يصح لهذا العبد -من كان زوجها من قبل- أن يتزوجها. والمبعض مثل: الحر.
{أحسن الله إليكم.
قال -رحمه الله-: (وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ فَأَقَلُّ مِنْ طَلَقَاتٍ وَمُطْلِقَاتٍ)}.
قوله: (وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ) يعني: لو قال: أنت طالقٌ ثلاثا إلا واحدة، فهنا استثنى الثلث، فهذا صحيح، ولكن لو قال: أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين، فيقول الحنابلة: إن الاستثناء هو استثناء الأقل من الأكثر، وعلى ذلك قالوا: لا يصح الاستثناء أكثر من النصف، وقالوا: يكون الاستثناء غير صحيح فتقع كامل التطبيقات، وهذا من مفردات الحنابلة، وهو خلاف بينهم وبين الجمهور، وهو الأصل اللغوي، هل يصح لغة استثناء أكثر من النصف أو لا؟
الحنابلة يقولون: لا، النصف فأقل، وأما جماهير أهل العلم فيقولون: إن الاستثناء يصح ما دام أنه أقل من الكل، فإذا قال: "أعطيتك عشر ألبسة إلا تسعة" هذا يصح عند الجمهور، بينما لا يصح عند الحنابلة، لقولهم: الاستثناء في النصف فأقل.
وإذا قلت: أعطيته عشرا إلا أربعا فهذا صحيح عند الجميع.
وإذا قلت: أعطيته عشرًا إلا ستًا، فهذا صحيح عند الجمهور، وغير صحيح عند الحنابلة.
وبناء على ذلك يترتب في أحكام الطلاق عند الجمهور، لو قال: أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين، فتطلق واحدة، وأما عند الحنابلة إذا قال: أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين، فيقولون: هذا استثناء أكثر من النصف، وبالتالي يبطل هذا الاستثناء، فتقع ثلاث تطليقات.
وكذلك في المطلقات، لو قال الرجل: زوجاتي طوالق إلا اثنتين، وعنده ثلاث فهنا استثنى أكثر من النصف، ولذا يقولون: يبطل الاستثناء ويقع الطلاق عليهن جميعًا.
ولكن لو قال: أنتن الطوالق إلا واحدة، وهن ثلاث، فبناء على ذلك يصح الاستثناء عند الحنابلة وعند الجمهور.
إذًا الاستثناء عند الحنابلة لا بد أن يكون في النصف فأقل وإلا لم يصح، بخلاف قول الجمهور هنا.
{أحسن الله إليكم.
قال -رحمه الله-: (وَشُرِطَ تَلَفُّظٌ، وَاتِّصَالٌ مُعْتَادٌ، وَنِيَّتُهُ قَبْلَ تَمَامِ مُسْتَثْنًى مِنْهُ، وَيَصِحُّ بِقَلْبٍ مِنْ مُطَلَّقَاتٍ لَا طَلَقَاتٍ)}.
قال: (وَشُرِطَ تَلَفُّظٌ) الطلاق تلفظ، فمن انعقد عليه قلبه أنه مطلق لفلانة، أو أنه يريد تطليقها، لا يقع شيئا ولو عقد مئة ألف مرة، وما دام أنَّ لسانه لم يلفظ بذلك، واللفظ هو ما تحرك به اللسان وجرى به الصوت، فعند ذلك إذا حصل التلفظ وقع الطلاق، وإلا فلا.
إذًا الشرط أن يحصل التلفظ، فأي طلاق بالقلب فلا يقع، حتى ولو انعقد عليه الإنسان، حتى ولو حلف على ذلك في يمينه عشرة أيمان، ولأجل ذلك كثير من الموسوسة الذين يظنون أنهم قد أوقعوا الطلاق على نسائهم، ومن ثم يفسدون على أنفسهم حياتهم بهذه الوساوس. نقول: لا التفات، وما دام أنك لم تتيقن باللفظ فالاعتبار، والأصل بقاء النكاح، ولا تُرعي سمعك إلى هذه الوساوس والخواطر والأفكار، التي يستضعف بها الشيطان الإنسان، ويدخله في متاهات، ويلحق به من الحيرة والمناقضة، ويجعله يتساءل هل هي زوجة أو ليست بزوجة؟ هل تحل لي أو لا تحل لي؟  هل بقاؤه معها صحيحًا أو بقاء زنا؟
ولقد عرفت أناسا أخيارًا ارتفعت كثير من صلاح حياتهم بما أورثوه في أنفسهم من الركون إلى هذه الوساوس، حتى أفسدت عليهم حياتهم، وحتى خافوا أن هذه أن هؤلاء لسنَ بزوجات لهم، فأعقب ذلك الطلاق، أو التردد، أو الحيرة، وربما انتكس بعضهم حتى وصل إلى بلاء كثير وشر مستطير، نسأل الله السلامة والعافية.
قال: (وَاتِّصَالٌ مُعْتَادٌ) فلا بد أن يكون المستثنى متصلا بالمستثنى منه، فإذا قال لامرأته أنتِ طالق ثلاثا، ثم سكت ثم قال: (إلا واحدة) نقول: لا، لأنه لا يوجد اتصال، ولكن لو قال لها: أنت طالق ثلاثا إلا واحدة، فنقول: صحيح، ولو قال لها: أنت طالق ثلاثا إلا واحدة، سَعَلَ أو تلكأ بسبب ليس من جهته، نقول: لا يمنع الاتصال، فالاتصال إما أن يكون حقيقيًا أو حكميًا، فإذا حصل بأحدهما حكمنا بالاتصال، وأما إذا كان بانقطاع ثم أردفه بكلام فلا.
وأن تكون (نِيَّتُهُ قَبْلَ تَمَامِ مُسْتَثْنًى مِنْهُ) يعني: أن يقول لامرأته أنت طالق ثلاثا، وقبل أن يتمها يتذكر أنها ستذهب عليه، فيقول: إلا واحدة، نقول: لا، لابد أن تكون قصدت.
طيب ما الفائدة، لماذا لم يقل لها أنت طالق اثنتين؟ يمكن أنه أراد إخافتها، أو يمكن أنَّ هذه العبارة كانت أسهل عليه، أو يريد أن يوهمها، أنها وقعت عليها ثلاث، أو نحو ذلك.
على كل حال، سواء أوقع على هذه الحال أو تلك، فيقع به الطلاق.
قال: (وَيَصِحُّ بِقَلْبٍ مِنْ مُطَلَّقَاتٍ لَا طَلَقَاتٍ)، ما معنى ذلك؟
يعني: يصح الاستثناء من مطلقات لا من طلقات، أي: لو قال لنسائه: أنتن طوالق، وكان له أربع نساء، فقيل له: لقد طلقت جميع نساءك، فقال: لا، أنا استثنيت عائشة، ولو جاء عند القاضي وقال: لقد استثنيتها وحلف على ذلك يصح، فتكون زوجة له، ويقبل ذلك منه.
ولكن لو قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا، وقال: أنا نويت بقلبي إلا واحدة، يعني: أني مطلقها اثنتين، نقول: لا يقبل ذلك! طيب ما الفرق بينهما؟
قالوا: إن اللفظ أَنَص، فإذا قلت أنت طالق ثلاثا، فكلمة "ثلاث" ما تقبل شيئًا آخر، وأما لفظ أنتن طوالق فيحتمل أن يصدق على الأربع، ويصدق على الثلاث دون عائشة، وبناء على ذلك كان هذا اللفظ الذي ذكره، وهو أنتن طوالق وقصد ثلاثا يصح، ولكن أنت طارق ثلاثا ويقصد اثنتين ما يمكن، ولا أحد يقول: إن الثلاثة هي اثنتان، ولكن طوابق يصدق على اثنتين كما يصدق على ثلاث، ويصدق على ثلاث كم يصدق على أربع، فلو استثنى من الأربع واحدة أو استثنى من الثلاث واحدة، فكل ذلك يصح عند الحنابلة -رحمهم الله تعالى-.
{أحسن الله إليكم.
قال -رحمه الله-: (وَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي، تُطَلَّقُ فِي الْحَالِ وَبَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ لَا تُطَلَّقُ)}.
أنا سأقول مسألة مهمة وستتبين معنا أيضا فيما سيذكره المؤلف من أمثلة كثيرة هنا، ما حاجة الفقهاء -رحمهم الله- في تكثير الأمثلة هنا؟ قد يقول بعض الناس: إن ذلك فيه شيء من التكلف، وأنَّ الفقهاء يذكرون المسائل المستحيلة والغريبة، وأن هذا كله نوع تكلف وتعنت، لا ينبغي أن يكون، نقول: هذا ليس بصحيح، وعادة الفقهاء -رحمهم الله تعالى- لَمَّا جمعوا أمثلة كثيرة، مبنى ذلك أنهم لَمَّا نظروا في أحوال الناس، فإن الأمثلة التي يقع عليها الطلاق لا حَدَّ لها، ولَمَّا كان المفتي يحتاج إلى جملة كبيرة من دراسة هذه الأحوال الواقعة، والتي يمكن أن تقع وتختلف باختلاف الناس، ذكرنا الأمثلة القريبة والبعيدة حتى تكون بمثابة الملكة التي تُفضي عند المفتي ما يُعرف أين تندرج هذه المسائل، أو ما يمكن أن تدخل فيه، سواء مسألة مسماه عندهم يعني: المثال منصوص عليه، أو كان داخلا في معناه، فيوجِد عند المفتي من الملكة القدرة على معرفة ما نطق به هذا في لفظه، وما نطق به ذاك، فإن الناس يختلفون، فأهل المغرب وأهل النيجر وأهل أمريكا وأهل كندا، يختلف بعضهم عن بعض، وكل له طرائق وألفاظ وأحوال واشتراطات ونحوها، فلما كانت تلك الأحوال مختلفة، فإذا انضم إلى ذلك أيضا تباين الأزمان وتتابع القرون، وتختلف أحوال الناس وتزيد وتنقص، احتاج الفقهاء إلى جملة كبيرة من هذه الأمثلة حتى يمكن أن يحيطوا بأحوال الناس المتجددة، ولأجل ذلك نوعوا في هذه الأمثلة.
فاذا قال لامرأته: (أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي) فإنها (تُطَلَّقُ فِي الْحَالِ)، لأنَّ هذا قبل موته، فيصدق على أول وقت قبل موته، ويصدق على الوقت الحالي أنه قبل موته.
قال: (وَبَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ لَا تُطَلَّقُ) لا تطلق لماذا؟ لأن الزوجية انتهت بالموت، فلا يقع الطلاق بعد الموت، ولا يقع الطلاق مع الموت؛ لأن الموت هو فراق بين الزوجين.
قال: (وَفِي هَذَا الْشَّهرِ) الـ "في" للظرفية، وتدل على أنه يمكن أن يكون الآن ويمكن أن تكون في نهاية الشهر، فنأخذ أول أوقات الإمكان، وأول أوقات الإمكان هو الحادث.
قال: (أَوْ اليَوْمِ)، اليوم يصدق على هذه الساعة، كما يصدق على آخر ساعة فيه، ولذا نوقعها في أول أوقات إمكانه، ومثل ذلك إذا قال: في (السَّنَةِ)، فإنها (تُطَلَّقُ فِي الحَالِ) على ما ذكر المؤلف.
{أحسن الله إليكم.
قال -رحمه الله-: (وَفِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ اليَوْمِ أَوْ السَّنَةِ تُطَلَّقُ فِي الحَالِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ آخِرَ الكُلِّ، قُبِلَ حُكْمًا، وَغَدًا أَوْ يَوْمَ اَلسَّبْتِ وَنَحْوِهِ تُطَلَّقُ بِأَوَّلِهِ، فَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ اَلْآخِرَ لَمْ يَقْبَلْ، وَإِذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، تُطَلَّقُ بِمُضِيِّ اِثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، وَإِنْ قَالَ: اَلسَّنَةَ، فَبِانْسِلَاخِ ذِي اَلْحِجَّةِ)}.
الآن يذكر المؤلف أمثلة ويذكر ما يقابلها، فيذكر ما يحتمل وما لا يحتمل، فإذا قال: أنت طالق في هذا الشهر، فيحتمل الآن ويحتمل آخر الشهر، ويقولون: نقبل منه أنه قصد الآخر فيحمل عليه. لماذا؟ لأنَّ لفظه يحتمل، ونحن نجعله في الأول ولكن لو قال: (أَرَدْتُ اَلْآخِرَ) واللفظ يحتمله، فتكون نيته معتبرة، فيحمل على نيته التي يحتملها لفظه؛ لأنَّ اللفظ محتمل لهما، والنية مخصصة لهذا الاحتمال.
ثم قال: (أَرَدْتُ اَلْآخِرَ) فقد قُبِلَ حكمه حتى في قوله: أنت طالق قبل موتي، فإذا قال: قصدت أنه قبل موتي، يعني: ببرهة أو ثانية أو نحو ذلك، فيقبل منه ذلك حكما.
قال: (وَغَدًا) أي لو قال: أنت طالق غدا، أو أنت طالق (يَوْمَ اَلسَّبْتِ) ونحوه، فتطلق في أوله، وغدا اسم يطلق على ما يستقبل الإنسان من يوم آت، أليس كذلك؟ فتطلق بأوله.
طيب لماذا لا نقول نوى آخره؟ نقول: ليس فيه "في" الظرفية، و "في" الظرفية دالة على الاشتمال على أوقات متنوعة في هذا اليوم، وأمَّا الغد فيصدق بأوله.
قال: (أَوْ يَوْمَ اَلسَّبْتِ) يوم السبت يصدق على أول دقيقة فيه، ولو قال: أنا قصدت آخره، فإنه لا يحتمله.
إذا متى تنفعه النية؟ إذا كان اللفظ يحتمله.
إذًا لا بد من لفظ صحيح ونية توافق ذلك، وأمَّا إذا وجدت النية واللفظ لا يوافق ذلك، فالعبرة باللفظ، وإذا وجد لفظ لا نية معه فيصدق على أول وقته، ولذا قال: (وَفِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ اليَوْمِ أَوْ السَّنَةِ تُطَلَّقُ فِي الحَالِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ آخِرَ الكُلِّ، قُبِلَ حُكْمًا، وَغَدًا أَوْ يَوْمَ اَلسَّبْتِ وَنَحْوِهِ تُطَلَّقُ بِأَوَّلِهِ).
قال: (فَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ اَلْآخِرَ لَمْ يَقْبَلْ) وهذا مثل من قال لامرأته: أنت طالق غدا، أو طالق يوم السبت، وهذا لِمَا ذكرنا.
قال: (وَإِذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، تُطَلَّقُ بِمُضِيِّ اِثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا) كلمة (سَنَةٌ) نكرة، وبناء على ذلك لا بد من مضي سنة كاملة.
وأمَّا إذا قال: "إذا مضت السنة"، فـ (ال) هنا في كلمة "السنة" للعهد، أي: السنة المعهودة، أو السنة الحاضرة، والسنة تنتهي بذي الحجة، وبالتالي فهي تطلق بها، فإذا كان باقيًا خمسة أيام فإنها تطلق بعدها، وإذا كان بقي لها خمسة أشهر فإنها تطلق بعد خمسة أشهر، وإذا كان بقي فيها تسعة أشهر وعشرة أيام، فإنها تطلق بعد تسعة أشهر وعشرة أيام، وهكذا.
وقال بعض أهل العلم في هذه المسألة، وهي محتملة: أنه إذا قال: أردت السنة، يعني: بتمامها اثني عشر شهرا، فإنَّها تدل على الاستغراق، أو السنة المعهودة، وهي السنة التي فيها اثنا عشر شهرا، فيقبل ذلك منه حكمًا، وهذا محتمل، كما ذكر بعض أهل العلم.
{أحسن الله إليكم.
قال -رحمه الله-: (فصل. وَمَنْ عَلَّقَ طَلَاقًا وَنَحْوَهُ بِشَرْطٍ، لَمْ يَقَعْ حَتَّى يُوجَدَ، فَلَوْ لَمْ يَلْفِظْ بِهِ وَادَّعَاهُ لَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا)}.
قال: (وَمَنْ عَلَّقَ طَلَاقًا وَنَحْوَهُ بِشَرْطٍ لَمْ يَقَعْ حَتَّى يُوجَدَ) سيأتينا أحوال التعليق وصفاته وكذا، ولكن أول شيء لا بد أن نعرف مسألة، وهي أنَّ مَنْ عَلَّق طلاقًا فقد أوقعه، فلا يمكن له العود فيه، فلو قال: "إن خرجت من البيت فأنت طالق"، ثم قال: لا أريد الطلاق، وإنما قلتها تخويفًا لها! نقول: لا، لأنك قلت: "إن خرجت فأنت طالب"، فأنت وقع منك الطلاق إذا خرجت، فمتى خرجت وقع الطلاق.
أو نقول: وقع منك الطلاق مُقيدا بالخروج، فمتى حصل الخروج حصل الطلاق، الذي علق عليه، وبالتالي لا يمكنه أن يعود فيه، فأي شخص أوقع الطلاق معلقا لا يمكن أن يعود فيه في قول عامة أهل العلم، ولذلك بعض الناس يعجز عن حكم زوجه، فلا يجد إلا تعليق الطلاق بأمر لا يُريد حصوله منها، أو يريد أن يلزمها به، فيقول: إذا لم تطبخي الغداء كل يوم فأنت طالق، هذا يُحرج نفسه ويحرجها، أو يقول: إن كلمتي فلانة فأنت طالق، أو إن ذهبت إلى فلانة فأنت طالق. نقول: متى ما فعلت ذلك وقع الطلاق، والطلاق هنا معلق، فمتى ما حصل المعلق عليه حصل الطلاق، ولا يمكن له أن يعيده، وهذا مثل: الطلقة والرصاصة، التي أخرجها من مسدسه، هي الآن في الهواء، فمتى ما لاقت الصيد؟ حصل المقصود.
ولأجل ذلك يقول المؤلف -رحمه الله-: (لَمْ يَقَعْ حَتَّى يُوجَدَ)، فإذا قال لزوجته: إن طلعت الشمس فأنت طالق، فهي زوجته له أن يعاشرها وله أن يباشرها حتى تطلع الشمس.
وإذا قال: إذا جاء زيد من السفر فأنت طالق، فبقي زيد شهرًا فهي زوجته، وله أن يجامعها وأن يأنس بها، وتجب لها نفقة، وكل شيء.
فإذا مات زيد قبل أن يأتي فمعنى ذلك أنه لم يتحقق المعلق عليه، فهي تبقى زوجته أبد الدهر!
ولكن إذا جاء زيد طلقت.
وأمّا إذا علق الطلاق بنزول المطر، فإذا نزل فإنه يقع الطلاق وتحرم عليه، ويلحق بهما ما يلحق بمن طلق زوجته.
قال: (فَلَوْ لَمْ يَلْفِظْ بِهِ وَادَّعَاهُ لَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا) لو قال شخص: أنت طالق، ثم قال: أنا إنما قصدت إن كلمتي فلانة، فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: إن هذا لا يظهر في اللفظ، ولا يخلو إمَّا أن تصدقه، وتعلم أنه صادق ويخاف الله -جل وعلا-، وأنه لا يعاشر امرأة لا تحل له، فإن صدقته فهو مدين، وبينه وبين الله -جل وعلا-.
ولكن ما صدقته وارتفع إلى الحاكم فلا يقبل منه، وهذا حكمه، من الظاهر أنك قلت لها: أنت طالق. وأما قولك: "إن كلمتي فلانة" فما ندري ما هذا، ولا من أين أتيت به، فإما أن تثبت أنك قلته أو لا.
وأما أن تقول أنا ما قلته ذلك ولكني نويته، فلا عبرة بذلك فيما ظهر؛ لأننا نحكم بالظاهر، وبناء على ذلك يحكم عليه بالطلاق لو ارتفع إلى القاضي.
{أحسن الله إليكم.
قال -رحمه الله-: (وَلَا يَصِحُّ إِلَّا مِنْ زَوْجٍ بِصَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ مَعَ قَصْدٍ، وَيَقْطَعُهُ فَصْلٌ بِتَسْبِيحٍ وَسُكُوتٍ، لَا كَلَامٌ مُنْتَظِمٌ، كَأَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ إِنْ قُمْتِ)}.
(وَلَا يَصِحُّ إِلَّا مِنْ زَوْجٍ) كما قلنا فيما مضى: لا بد أن يقله مالك له وهو الزوج، أو موكل فيه، أو من له حق على سبيل الخصوص، كما لو كان الحاكم أو القاضي نائبا عنه كما أمر.
قال: (بِصَرِيحٍ) فلا بد من اللفظ الصريح مثل: أنت طالق أو أنت مطلقة، أو أنت الطلاق أو طلقتك، أو يا طالق فيقع عليه الطلاق.
قال: (وَكِنَايَةٍ مَعَ قَصْدٍ)، لو قال: الحقي بأهلك وقصد بذلك الطلاق، أو اخرجي من بيتي ولا تعودي إليه، وقصد بذلك الطلاق، فهو طلاق وإلا فلا
 فإذا إما بطلاق صريح وإما بأحد ألفاظ الكناية مع وجود نية، كما ذكرنا.
قال: (وَيَقْطَعُهُ فَصْلٌ بِتَسْبِيحٍ وَسُكُوتٍ، لَا كَلَامٌ مُنْتَظِمٌ، كَأَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ إِنْ قُمْتِ) يعني: لو أنَّ شخصًا قال لامرأته: أنت طالق إن قمت، هذا واضح، فهو علق الطلاق بالقيام، أو قال: إن قمت فأنت طالق، كلها واضحة، وهذه يقابلها أنت طالق، ثم سكت، ثم قال: إن قمت. نقول: هذا كلام منفصل، والشرط لم يتصل بالمشروط، وبناء على ذلك طلقت ولا اعتبار بأن ننتظر إلى قيامها.
الحالة الثانية: أن يكون فيه فصل، لكن هذا الفصل لا يؤثر، لكونه منتظم، فلو قال: أنت طالق، يا بغي أو يا زانية، أو يا ظالمة، إن عُدت إلى هذه الكلمة، فهذا كلام منتظم، وهذا الفاصل لا يعتبر، وهو داخل في انسجام الكلام، ولا يؤثر لغة على أن هذا متعلق بهذا، وبناء على ذلك حكم به الشارع صحة وإجراء.
وأما إن فصله كما لو قال: أنت طالق "سبحان الله" إن ذهبت. فنقول: هذا تسبيح لا محل له، وهو قاطع لِمَا بين الشرط والمشروط، وبناء على ذلك يفصل، ويكون الطلاق قد وقع فلا اعتبار بما علق.
{أحسن الله إليكم.
قال -رحمه الله-: (وَأَدَوَاتُ الشَّرْطِ نَحْوَ "إِنْ" و "مَتَى" و "إِذَا"، وَإِنْ كَلَّمَتْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَحَقِّقِي أَوْ تَنَحَّى وَنَحْوُهُ تُطَلَّقُ، وَإِنْ بَدَأْتُكِ بِالْكَلَامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ: إِنْ بَدَأْتُكَ بِهِ فَعَبْدِي حُرٌّ، انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَتَبْقَى يَمِينُهَا)}.
هذا شروع من المؤلف -رحمه الله تعالى- في الألفاظ التي يكون بها التعليق، وهي: ("إن، ومتى، وإذا") وهي ألفاظ معدودة في كتب اللغة والنحو عند النحاة -رحمهم الله تعالى-.
ذكر المؤلف هنا أشهرها، ومنها: "أي، ومتى، ومهما، وكلما"، وكل هذه أدوات شرط.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: لو قال لها: (وَإِنْ كَلَّمَتْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَحَقِّقِي)، هو علق الطلاق على الكلام، أليس كذلك؟ ثم قال: (فَتَحَقِّقِي)، فهذا اللفظ هو كلام، ويصدق عليه أنه كلمها، فيحصل الطلاق الذي علق عليه.
أو قال: (تَنَحَّى وَنَحْوُهُ تُطَلَّقُ)، طبعا يقول الفقهاء: إلا أن ينوي في مجلس آخر، أو ينوي غير ذلك فيقبل منه ذلك؛ لأنه محتمل.
قال: (وَإِنْ بَدَأْتُكِ بِالْكَلَامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ: إِنْ بَدَأْتُكَ بِهِ فَعَبْدِي حُرٌّ)، هي لما قالت إن بدأتك بالكلام هي تحدثت، فإذا هو انحلت يمينه، لم يستطع مبتدأ بالكلام، وبناء على ذلك لا يقع طلاقه، ولكن هي قالت: (إِنْ بَدَأْتُكَ بِهِ فَعَبْدِي حُرٌّ)، فننظر أن بدأته بالكلام بعد ذلك عتق عبدها لكن لو سكتت ثم هو تكلم فائضا انحلت يمينها كذلك.
{أحسن الله إليكم.
قال -رحمه الله-: (وَإِنْ خَرَجْتِ بِغَيْرِ إِذْنِي وَنَحْوُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ أَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ، ثُمَّ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إِذَنٍ، أَوْ أَذِنَ لَهَا وَلَمْ تَعْلَمْ طَلُقَتْ)}.
قال: (وَإِنْ خَرَجْتِ بِغَيْرِ إِذْنِي وَنَحْوُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ)، فإذا هو تعليق الطلاق بخروجها بغير إذن، فهذا لا تنحل لأول مرة بإذن مرة واحدة، فلا بد أن يحصل منه إذن في كل مرة، فإذا أذن لها مرة ومرتين وثلاث وخمس وعشر، ثم خرجت الخامسة عشرة دون إذنه وقع عليها الطلاق.
وكذلك لو أذن لها ولم يخبرها، لماذا؟ يقولون: لأن الإذن آذان وإعلام، فلا بد من إعلامها أنه أذن لها، ويعلمها بذلك، وإلا وقع الطلاق، حتى ولو كان أذن لها في نفسه، وإنما قال ذلك منعا لها، ولئلا تتكثر من الخروج، أو من الذهاب، أو مما منهي في ذلك في تلك الحال.
{أحسن الله إليكم.
قال -رحمه الله-: (وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى مَشِيئَتِهَا تُطَلَّقُ بِمَشِيئَتِهَا غَيْرَ مُكْرَهَةٍ، أَوْ بِمَشِيئَةِ اثْنَيْنِ فَبِمَشِيئَتِهِمَا، كَذَلِكَ وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى تُطَلَّقُ فِي الْحَالِ، وَكَذَا عِتْقٌ)}.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: (وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى مَشِيئَتِهَا تُطَلَّقُ بِمَشِيئَتِهَا غَيْرَ مُكْرَهَةٍ)، يعني إذا قال: إن شئت فأنت طالق، فقالت: شئت، فتطلق لأنه علق الطلاق على شيء فحصل الشيء فطلقت.
طيب لو شاءت في نفسها دون أن تنطق؟ يقولون: المشيئة شيء خفي لا يعلم، وبناء على ذلك لا بد من نطقها، ولكن لو أكرهت على المشيئة، فجاء أبوها وأجبرها على ذلك، أو أختها، أو أمها، أو أحد بإكراه أو اعتداء ونحوه، فقالت: شئت وهي ما شاءت، فيقولون: لا يقع الطلاق؛ لأنَّ مشيئتها لا بد وأن تكون رغبة، والمشيئة حقيقتها إرادة ورغبة، وبناء على ذلك لا يمكن أن تكون مع إكراه.
قال: (أَوْ بِمَشِيئَةِ اثْنَيْنِ فَبِمَشِيئَتِهِمَا) يعني: لو قال لها: أنت طالق إن شئت وشاء أبوك، هي أشغلته، وهو يعلم أن أباها يسعى لها في المصلحة، فيقول: إذا شاء أبوها مع مشيئتها فالحمد لله، فبناء على ذلك لا بد من مشيئتهما، والنبي لَمَّا خَيَّرَ نساءه، وكان يحب عائشة ولم يرد أن تختار، قال لها: اختاري غير ألا تفعلين شيئا حتى تستأمري أبويك، وهو يعلم أن أبويها لا يمكن أن يأمرانها بفراق رسول الله ، وبناء على ذلك إذا قال: بمشيئتك ومشيئة جارتنا، أو بمشيئتك ومشيئة أختك، أو أيا كان، فإذا شاءوا جميعا وقع الطلاق؛ لأن المعلق عليه وقع.
(كَذَلِكَ وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى تُطَلَّقُ فِي الْحَالِ، وَكَذَا عِتْقٌ) يعني: لو قال: أنت طالق -إن شاء الله-، والفقهاء عندهم المستحيل يكون وجوده كعدمه، فقوله: أنت طالق إن شاء الله. كيف لنا أن نعرف بم شاء الله جل وعلا؟ فقالوا: إنه في هذه الحال يكون كالمستحيل، وبناء على ذلك يلتقي الشرط ويقع الطلاق.
وهذه فيها كلام، مع أن غالب من يقول: أنت طالق إن شاء الله، يريد بذلك استصحاب مشيئة الله؛ لأنه لا شيء يحصل إلا بمشيئة الله، فيكون كالتبرك وكالتحقق من حصول طلاقها، ولكن أيا ما كان فهذا هو الذي ذكروه على حسب ما فصلوه، ونحن لن نطيل في تفصيلات.
قال: (وَكَذَا عِتْقٌ) ما معنى (وَكَذَا عِتْقٌ) يعني: لو قال: أنت حر لوجه الله إن شاء الله. فنحن لا ندري هل شاء الله عتقه أو لم يشأ؟ فيقولون: وعلمنا بمشيئة الله متعذرة، وبناء على ذلك يقولون: إن هذا الشرط يلتغي، وأنه يحصل بذلك العتق في الحال، فيعتق ذلك العبد بهذه الكلمة، وإن كانت معلقة من حيث الأصل بمشيئة الله جل وعلا.
{أحسن الله إليكم.
قال -رحمه الله-: (وَإِنْ حَلِفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا، أَوْ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَأَدْخَلَ أَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ جَسَدِهِ أَوْ دَخَلَ طَاقَ الْبَابِ أَوْ لَا يَلْبِسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ، أَوْ لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الْإِنَاءِ فَشَرِبَ بَعْضَهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَلِيَفْعَلْنَّ شَيْئًا لَا يَبَرُّ إِلَّا بِفِعْلِهِ كُلِّهِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، وَإِنْ فَعَلَ المَحْلُوفُ عَلَيْهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا حَنِثَ فِي طَلَاقٍ وَعِتَاقٍ)}.
قال: (وَإِنْ حَلِفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا) هذا في الحلف بالطلاق، ما معنى الحلف بالطلاق؟ بعض الناس يشكل عليهم هذا، ولا يعرف معنى الحلف بالطلاق، الحلف بالطلاق هو تعليق للطلاق. ما الفرق بينه وبين مطلق التعليق؟
التعليق أحد حالين، إما أن يعلق على شيء لا مدخل للإنسان فيه، كأن يقول: إذا طلعت الشمس فأنت طالق، أو إذا دخل الشتاء فأنت طالق، أو إذا خسف القمر في هذا الشهر فأنت طالق. هل يمكن للإنسان أن يطلع الشمس أو أن يخسف القمر أو أن يأتي بالشتاء؟ لا. وبناء على ذلك قالوا: هذا تعليق.
أما الحلف بالطلاق، فالحلف حقيقته اليمين والقسم بالله -جل وعلا- بألفاظه على مخلوف عليه. إذًا الحلف بالطلاق ليس هو يمين ولا قسم، ولكنه مشبه للقسم بالله -جل وعلا- من حيث أن فيه حث أو تصديق أو تكذيب، لأن الحالف إذا حلف فإنما يريد بذلك تصديق خبره، أو حمله على فعله، أو منعه منه، أو تكذيبه فيه، فهذا هو المقصود، فكل تعليق في الطلاق، فيها حث أو زجر أو طلب للتصديق أو للتكذيب فهي يسمونها حلفا بالطلاق من جهة مشابهتها للحلف بالله -جل وعلا- في تحقق ما يطلب منها، وهو الحث والزجر والتصديق والتكذيب.
فإذا قال شخص: إن خرجت من الدار فأنت طالق، إذا هو حلف بطلاقها وعلق طلاقها على خروجها من الدار، فإذا هو لا يريد خروجها كأنه أراد منعها، كما قال: والله لا تخرجين من الدار، فإذا هذه يمين بالله، وهذه حلف بالطلاق، لا يُقصد أنها حلف بغير الله؛ لأنها ليس فيها أداة القسم ولا مقسوم به ولا لكن فيها معنى القسم من جهة أنها مشتملة على حقيقته، وهو الحث أو الزجر أو التصديق والتكذيب؛ لأن بعض الناس يقول: الحلف بالطلاق هو حلف بغير الله، وهذا ليس بفاهم ما يذكره الفقهاء، ولا بعالم ما يسطره العلماء رحمهم الله تعالى.
إذا هذا هو الفرق بين قوله: (وَإِنْ حَلِفَ) وجرت عادة الفقهاء إذا بدءوا في التعليق أن يذكرون الأمثلة على إطلاقها، ما يدخل منها في مجرد التعليق وما يدخل منها في الحلف كقوله: إن قمت فيما مضى أو إن كلمتي، أو إن بدأت أو كذا، ولكن إذا جاؤوا إلى الحلف بالطلاق جاءوا بالأمثلة التي هي في معنى الحلف، ثم بينوا الفرق بينهما، فيحصل عند بعض الناس لبس وغبش من جهة أنهم في التعليق في الطلاق يذكرون الأمر بعمومه، ما هو تعليق محض، وما هو تعليق وفيه حث أو زجر.
إذا المؤلف -رحمه الله تعالى- لما شرع في الأمثلة التي فيها حلف بالطلاق أراد أن يبين متى يقع الطلاق، كما أنهم ذكروا في باب الأيمان إذا حلف على شيء متى يتحقق الحنث في اليمين، والباب واحد، والحقيقة متماثلة، ولكن الأمثلة يحتاج إلى تكرارها لفهمها.
فيقول: لو حلف لا يدخل دارا، ودخول الدار من حيث الأصل هو الدخول بجميع جسده، أو لا يخرج منها، مثل ذلك أن يخرج منها جميعا، فلو أدخل بعضه أو أخرج بعضه فلا يصدق عليه أنه دخل الدار، ولا يصدق في الثانية أنه خرج منها، فإذا لا يحصل الطلاق من حيث الأصل.
يقول: لو نوى دخول الجميع أو دخول شيء منه، فكما أنه في باب الأيمان يعتبر أنه حنث لأن اليمين تحمل على نيته، واللفظ يحتمل ذلك، يعني يطلق الجميع ويراد البعض، فكذلك في باب الطلاق، إذا قصد دخول بعضة حصل الطلاق، لأن حصول البعض يُطلق أحيانا الكل ويراد البعض، ومثل ذلك قال: (فَأَدْخَلَ أَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ جَسَدِهِ أَوْ دَخَلَ طَاقَ الْبَابِ)، ما معنى طاق الباب؟ طاق الباب هو البرواز الذي يحيط بالجدار بالباب وفيه فرجة، فلو وصل إلى هذا والتصق بالباب، فهذا هو طاق الباب، فهنا هل يعتبر دخل؟ الأصل لا، ولكن لو قصد دخول بعضه فيصدق عليه.
(وْ لَا يَلْبِسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ) يعني: هي غزلت بعضه وغزل بعضه غيرها، فالأصل أنه ليس غزلها، وإنه لا يطلق حتى يلبس ثوب غزلته هي كله، ولكن لو قصد، أي شيء فيه شيء منها فيطلق بذلك.
(أَوْ لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الْإِنَاءِ فَشَرِبَ بَعْضَهُ لَمْ يَحْنَثْ)، لكن لو قال: لا شربت ماء النهر، فهذه مسألة أخرى، فالنهر لا يتصور شربه، إذا كأنه عُلِمَ أنه قصد أنه لا يشرب من هذا النهر، فيطلق بشربه ولو قليل منه.
(وَلِيَفْعَلْنَّ شَيْئًا لَا يَبَرُّ إِلَّا بِفِعْلِهِ كُلِّهِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ) كما لو قال: أنت طالق إن لم أبني هذا البيت، فبناه إلا حجرا واحدا نقول: ما فعله كله، وبناء على ذلك تعلق به الطلاق.
أو قال: إن بنيت البيت كله فأنت طالق، فبناه إلا بعضا لم تطلق، إلا أن ينوي أي شيء منه؛ لأنه يطلق الشيء ويراد بعضة.
ثم قال: (وَإِنْ فَعَلَ المَحْلُوفُ عَلَيْهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا حَنِثَ فِي طَلَاقٍ وَعِتَاقٍ) يعني كأنه لما أراد أو لما بين أن الحلف بالطلاق في الأحكام لليمين بالله -جل وعلا- في الحنق فيهما سواء، أراد أن يبين ما يفترقان فيه، فالنسيان من فعل المعلوف عليه ناسيا أو جاهلا لا يؤاخذ، ولا يعتبر حنث، وليس عليه كفارة يمين، لكن يقول المؤلف من حلف في الطلاق والعناق أخذ بذلك، لأن هذا ذاك الله وهذا لحق الآدميين وحق الآدميين مبناه على المشاحة فلحقت به المساءلة، والمطالبة
{أحسن الله إليكم.
قال -رحمه الله-: (وَيَنْفَعُ غَيْرَ ظَالِمٍ تَأَوُّلٌ بِيَمِينِهِ)}.
(وَيَنْفَعُ غَيْرَ ظَالِمٍ تَأَوُّلٌ بِيَمِينِهِ)، لو تأول فقال: والله ما معي شيء ومعه لكنه أراد أن يخرج من هذا الظالم وقصد أن الذي معي شيء فهو ينفعه فكذلك قال إن كان معي شيء فزوجتي طالق وأراد يعني بذلك التأويل أن أراد إن كان معي شيء يصلح أن يبذله لك أو شيء كذا يقبل منه هذا التأويل إلا أن يكون ظالما، ومتى يكون ظالما؟ يقولون: لو كان بين يدي الحاكم أو سألوه هل سرقت مال فلان؟ فيقول لا، ويتأول، لا ينفعه هذا التأول؛ لأنه ظالم في ذلك، فلا ينفعه شيء.
{أحسن الله إليكم.
قال -رحمه الله-: (وَمِنْ شَكَّ فِي طَلَاقٍ أَوْ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ، أَوْ فِي عَدَدِهِ رَجَعَ إِلَى اليَقِينِ)}.
قوله: (وَمِنْ شَكَّ فِي طَلَاقٍ)، قال: والله أنا من زمان لا أذكر، ولكن فيه أظن أنني قلت: إن قمت فأنت طالق، أنا أقول الأصل عدم قولك، وبناء عليه هي زوجتك فلا تلتفت إلى هذه الشكوك.
(أَوْ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ) كما لو قال: أنا علقت مرة الطلاق على خروجها أو لم أعلق ما أدري، أنا مطلقها بس ما أدري هل هو معلق على الخروج؟ ولا لا؟ فنقول: في هذه الحالة هو طلق، ولا يلتفت إلى الشك فيما علق عليه، لأن العبرة هنا باليقين، فإذا شك في التطليق، أنا ما أدري طلقت زوجتي ولا ما طلقتها، أنا أذكر أني ضاق صدري وأيقنت في نفسي أني بطلقها بس ما أدري هل تلفظت ولا ما تلفظت؟ نقول: لا يقع شيئًا.
إذا شك أنه أوقع طلاقا معلقا قال: إن قمت فأنت طالق أنا ما قلت كذا ولا ما قلت؟ الأصل عدم.
قال: أنا قلت بس ما أدري هل لما قلت أنت طالق ثم علقت؟ هل علقت ولا ما علقت؟ ولا تركتها كذا، نقول الأصل عدم التعليق وأنت واثق أو متيقن من وقوع الطلاق، فيقع ولا يلتفت إلى النية.
(أَوْ فِي عَدَدِهِ رَجَعَ إِلَى اليَقِينِ)، قال: أنا مطلق زوجتي هي واحدة ولا اثنتان ولا ثلاث؟ هذا اللي حصل قبل خمس وثلاثين سنة، فنقول: هو متيقن من حصول طلقة مشكوك في زال، فالأصل بقاء الباقي، وعدم حصول المشكوك فيه، ولذلك قال: (رَجَعَ إِلَى اليَقِينِ).
{أحسن الله إليكم.
قال -رحمه الله-: (وَإِنْ قَالَ لِمَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ، لَا عَكْسُهَا)}.
لو رأى امرأة في الشارع فظن أن زوجته قد خرجت وهو قد منع، فقال؛ (أَنْتِ طَالِقٌ) فتبين أنها أخت زوجته وليست هي، وهي مثلها في هيئتها وفي مشيتها وفي نحو ذلك، فيقولون هنا: هو لما طلقها قصد زوجته، حتى ولو خاطب غيرها، ولكن قصده حصول الطلاق على زوجته.
(لَا عَكْسُهَا) فلو رأى امرأة ظنها أجنبية، فقال لها: أنت طالق، يقصد بذلك اللعب، فيقولون: الطلاق لا يقع، هذا فيما ذكره المؤلف، وإن كانت الرواية الثانية عند الحنابلة، وهي رواية قوية، يقولون: إنها تطلق لماذا؟ لأن المخاطبة والمواجهة بالطلاق من أقوى الدلالات على إرادتها، وبناء على ذلك تطلق، ولكن ظاهر كلام المؤلف أنها لا تطلق هنا.
{أحسن الله إليكم.
قال -رحمه الله-: (وَمَنْ أَوْقَعَ بِزَوْجَتِهِ كَلِمَةً وَشَكَّ هَلْ هِيَ طَلَاقٌ أَوْ ظِهَارٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ)}.
قوله: (وَمَنْ أَوْقَعَ بِزَوْجَتِهِ كَلِمَةً وَشَكَّ) قال أنا جدا توعدتها أدري هي طلاق ولا ظهار، فنقول: الأصل عدم ذلك، واليقين بقاء النكاح، ولا يمكن أن نرفع النكاح المتيقن بطلاق مشكوك فيه أو بظهار كذلك.
والمقصود بالشك هنا سواء كان شكا غالبا أو شكا متساويا طرفاه، وليس المقصود هنا هو المتساوي الطرفان، لا، بل ما سوا اليقين، فما دام أنه لم يتأت عنده يمين أنه وقع منه طلاق أو وقع منه ظهار فلا اعتبار بذلك، فالنكاح متيقن ولا يرتفع إلا بيقين يرفع اليقين الأول.
فإذا تيقن شيء آخر وإلا بقي النكاح المتيقن أولا على حاله، أو على ما هو عليه.
{أحسن الله إليكم.
قال -رحمه الله-: (فصل، وَإِذَا طَلَّقَ حُرٌّ مَنْ دَخَلَ أَوْ خَلَا بِهَا أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، أَوْ عَبْدٌ وَاحِدَةً لَا عِوَضَ فِيهِمَا فَلَهُ وَلِوَلِيٍّ مَجْنُونٍ رَجْعَتُهَا فِي عِدَّتِهَا مُطْلَقًا)}.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: (وَإِذَا طَلَّقَ حُرٌّ مَنْ دَخَلَ أَوْ خَلَا بِهَا أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ)
إذا لما أنهى الكلام على الطلاق بدأ في أحكام الرجعة، والرجعة مشروعة وقد جاء في كتاب الله -جل وعلا- فالله -سبحانه وتعالى- يقول: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا﴾ [البقرة:228]، والرجعة هي من الإرجاع والرجوع، وحقيقتها إعادة مطلقة غير بائن إلى ما كانت عليه بغير عقد، في العدة بغير عقد في العدة.
إذا لا بد أن تكون مطلقة غير بائن، فإذا كانت الطلاق بائنا إما بعوض وإما بثلاث تطليقات فلا رجعة، وإذا كانت الرجعة بعد العدة، فهي نكاح جديد وليست رجعة.
إذا لا بد أن تكون مطلقة غير بائن، وأن يكون ذلك في زمن العدة، من زوج يملكه، فإذا هذا ما دل على ذلك من كتاب الله -جل وعلا- وهذا معناه، والنبي كما جاء في حديث ابن عمر «مُره فليراجعها» والإجماع منعقد على ذلك.
لكن هنا يقول: (وَإِذَا طَلَّقَ حُرٌّ مَنْ دَخَلَ أَوْ خَلَا بِهَا) هذا واضح؛ لأنَّ الله -جل وعلا- قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا﴾ [الأحزاب:49]، فإذا لِمَ يكن لها عدة، لم يكن عليها رجعة، وأما إذا كان قد دخل بها فالرجعة حل له بإجماع أهل العلم.
طيب إذا كان قد خلا بها ولم يجامعها، فهل يعتبر هذا دخول أو لا؟
هذه مسألة مشهورة بين الحنابلة والجمهور، فالحنابلة يقولون: هذه رجعة، لأن الظاهر أنه خلا بها بأن أغلق بابا وأرخى سترا ولا يطلع عليه أحد، ويمكنه أن يكون منه جماع فيقولون: إن هذه أمور خفية، والأمور الظاهرة تدل على إمكان حصول الخفية، والخفاء لا يمكن الحكم به، فنحكم كما لو حصل منه جماع ودخول حقيقي.
وقالوا: هذا هو المعنى، ومن جهة الأثر أنه كان إجماعا للخلفاء، فقد قضى الخلفاء الراشدون أن من أغلق بابا وأرخى سترا فقد وجبت العدة واستحقت المهر.
وبناء على ذلك حكموا خلافا للجمهور، وبناء على ما جاء في الأثر، وهو قضاء الخلفاء الراشدين أن الخلوة دخول، وأنه يحكم بلزوم العدة، وترتب أحكامها على ما ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى.
الحالة الثالثة: أن تكون أقل من ثلاث، أقل من عدد ما يملك من الطلاق، لأنه إن كان حرًا أو مبعضًا فلابد أن يكون أقل من ثلاث، وإن كان عبدا لا بد أن تكون أقل من اثنتين، التي هي واحدة، فيملك الرجعة في ذلك.
وقال: (لا عوض فيهما) فإذا كانت طلقة بائنة، أو كانت مفارقة بعوض، فإن المفارقة بعوض لا رجعة فيها كما ذكرنا في باب الخلع، وبناء على ذلك لا يستحق الرجعة هنا
قال: (فله ولولي مجنون رجعتها في عدتها مطلقا) يعني: إذا تحققت هذه الشروط، فله أن يراجعها، وأمَّا إذا اختل واحد من هذه الشروط فلا رجعة، وكذلك إذا كان هو الزوج أو كان ولي المجنون؛ لأن ولي المجنون يقوم مقام المجنون فيما يصلحه له، وبناء على ذلك لولي المجنون أن يراجعها في هذه الأحوال.
قال: (فِي عِدَّتِهَا مُطْلَقًا لا بعد العدة) أما بعد العدة فإذا أراد أن يتزوجها فيكون نكاحا جديدا لا رجعةً مستحقة للزوج أو لولي المجنون ومن في حكمه.
{أحسن الله إليكم.
والشكر موصول لكم مشاهدينا الكرام على حسن استماعكم، ونلقاكم في حلقات أخرى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك